هو نفسه يلاحقني دائما ويجعلني أتخطى الثواني بقفزات سريعة، وأنام على أمل أن يبقى يطاردني طالما أنني ألعب في حقل الجرأة، وأخربش على ملامح الآخرين خطوطا توحي بأن الغضب لا ينافي السعادة، وأن الحزن العابر يمكن أن يصبح لحظة انطلاق جديدة، ثم يطاردني مع الساعات الباقية من العام لأسجل من جديد قدرتي على الصبر، وعلى سرقة الأمل من بين عقارب الساعة المتسارعة...

يطاردني بوجهه الذكوري لأنني أنثى أدعي أن الحرية مازالت تلف وجهي، ولأنني أيضا أعشق العنفوان الذي يلمع في وجوه المراهقين، ويجعلهم آثمين لمجرد أنهم قرروا الحياة خارج النمط القديم، ويحاول الإحاطة بي ربما كي يجد متعة لم يعرفها، لكنه مع نهاية العام يصبح ضوءا مكتوبا في الأفق، فمساحتي عالم لا يخضع لشروط مكتوبة، وجسدي قادر على المعانقة في كل لحظة، وتوزيع الابتسامات لأنها وحدها التي تكسر العزلة، وتحول الحزن إلى أجراس تُعلمنا بأننا لن نقف لحظة في نفس المكان، وأن العام الذي يغادرنا لا يمكن تلخيصه بحدث واحد، بل بمقدار العشق الذي انسكب علينا فجأة وعرفنا بأن الموت المرسوم أمامنا "افتراضي"، والتراث الذي نغرق به وهم يمكن أن يتبدد بابتسامة، وحنق "إسرائيل" ريح تمر لكنها لن تترك فينا سوى الرغبة بالبقاء....

هو عام من الرغبات يلاحقني، وصور تهويمات الجسد أو انتفاض العقل، أو حتى تماوج الخصر مع كل ثانية تمر وتلمس صفحة الخد، وهو أيضا عام أبني فيه مساحة من كسر العزلة، وأرتب الذاكرة بشكل جديد، فإذا انسكبت الدموع فلأنني أدرك أن أيام العشق ليست محدودة، وأنني بحكم كوني أسيرة جسدي سأرحل يوما، ولن أستطيع رؤية شمس جديدة تلفح عاشقين، أو تنير وجها مازال يحلم بحريته داخل شوارع القدس أو في ساحات غزة أو حتى على أطراف نابلس....

يلاحقني لأنني حالمة، ولأن اختلاط الأسماء عندي يخلق فنا فريدا لثقافة الجسد والتمرد، وللبحث في أصغر الأشياء عن خيط يربط ما بين وجنتي وبريق حرية سيلف الأجساد قبل أن يمر على الأرض، وفي صورة عام سيرحل أمسح وجهي بذكورية التعبير، وبالأنفاس الحمراء الملتهبة لأنها وحدها من سيلهمني إبداع يجعل من بقائي رعشة أبدية رغم القسوة المفروضة على المسافة الفاصلة بين جسدي وحلمي بحرية تبدأ بإطلاق الرغبة وتنتهي بكسر "الجدران العازلة".