لم شملي إذا كنت قادرا، فالسياسة أصبحت فاصلة في جملة لا أحد يستطيع كتابتها أو نقلها من جيل إلى جيل، وجسدي المسفوح فوق المعابر أو على الأقواس الكاشفة في المطارات لم يعد يعرف سوى لون واحد، ولن يستطيع بعد اليوم الوقوف أمام صورة تزين غرف البحث عن قرارات هجينة، فإذا طالعني وجهكَ أدركت أنني أعبر زمنا لا يحمل سوى تفاصيل قليلة، وأنه منسي على زاوية بعيدة في منزل مهدد بأصحاب "الجدائل".

إذا استطعت "لم شملي" فأنت قادر على الانتقال فوق الحدود والجدران العازلة، أو التسرب في أنفاق مغروزة في الخاصرة وستصبح متعتك في تخطي المسافة الزمنية بين حلمي وقدرتك على خلق جبهة لإحراق أي أمل قادم، فمن رمل الصحراء تأتي الكلمات المتعجرفة أو الحاقدة أو حتى تلك التي تضمر الثأر ولو بعد حين، ورغم أن قضيتي أسهل مما تعتقد فإنك ستقف عند حدود اللحم الذي احترق، أو الدموع التي خلقت ساترا جديدا بيننا وبين تاريخ لن يكرر نفسه، فأنا لست من غزة... وفي أي أرض تحط رحالك بها ستجدني أو تصادف وجهي الذي ملّ عنوة القبلات واستقبال رغبات المغتصبين، لكنه على الأقل مازال يحمل ملامح لامتداد تاريخي أو فضاء في المستقبل، وعلى الحد الفاصل بين كابوس قدومك وذاكرتي المليئة بالصور أستطيع أن أجدك في أي خبر قادم من الفضائيات، فارتقب ليوم المحاسبة الذي سيصبح حصارك حياة جديدة.

أنت القادم من مساحة القحط والجدب، وأنا التي لقنت الحياة لغة الخصب وروعة الانتصاب في رقصة الربيع، وأنت الغارق بأوراق منقولة من محفل لآخر، وأنا المرمية من حاجز إلى أرض جديدة، والضائعة داخل دهاليز البلاد التي لا لون فيها... فكيف سيكون "لم الشمل"؟ وهل يمكن البحث عن رقعة إضافية كي تنصب مضاربك فيها؟!

لون وجهي تحت عباءتك وأمامك الدنيا كي تسير بها برائحة الموت، أو بأشباح التلوث السياسي وخطوات "الاعتدال" التي تخشى تخطي جرأة وجهي القادر على القيام بفتوحاته، وربما ترتعد لأن المساحات المحتلة تنتهي عندما أنطلق لملاقاة الفرح المخبئ في صدور الرجال... أنت في "حوار الأديان"... وأنا في صراع البقاء وسط حصاري.. وربما وسط رغبتي في أن أبقى قادرة على العشق والحياة.. أنت... وأنا لا نلتقي وسط الاحتلال.... وسأخلق رموزي بعيدا عن الوجوه التي أدمنت الخوف أو الرعب أو كتب الترهيب والترغيب... أنا مازلت أحلم باسترجاع حقي، وأنت عاجز حتى عن الحلم....