القاعدة ليست شبحا أخاف منه، فعندما أبدأ بـ"الرؤية" ينتهي الإرهاب عند حدود الخاصرة، وكلما انطلقت الفضائيات لرصد ما حدث أو ما سيكون أعرف أن هذا الشبح يتحول إلى ريح ثقافية تجرف البعض بينما تعذب الآخرين وهم ينتظرون انتهاء مد الصحراء، فالقاعدة هي الصورة التي نسمع فيها "الفتاوى" حول الجدار، أو عندما يصبح موت الآخرين بحاجة إلى فتوى شرعية، ويصبح "الله" في ماليزيا لفظ جلالة خاص بطائفة أو دين او مذهب.

صورة القاعدة الحقيقية ليست في عملية خوست، أو تفجير طائرة "الدلتا" في سماء الولايات المتحدة، لأنها تمثل أخيرا تكوينا ثقافيا يرافق الواقع الذي لا نستطيع إيجاد "حرية" فيه، فيصبح الجهاد على مساحة جسد الأنثى، أو بين حرب الفتاوى في مواجهة القهر والتجويع وربما التكسير الذي يِؤيده البعض، والقاعدة ليست قضية إلى في شكلها الذي يمثل عدم القدرة على تكسير الشبكة التي ظهرت أمامنا.

في خطاب القاعدة مساحة ضبابية، لكننا على ما يبدو قادرون على جعلها قضية، وبنائها في فضاء افتراضي يبرر الكثير، ويجعلنا نراها وكأنها واقع يتسرب بيننا، لكنني أبقى مذهولة من دوامة "السياسة" التي أصبحت شكلا من البحث عن "أمن" لا يملك سمة واضحة غير قدرته على تقديم شهادة حسن سلوك للآخرين، بينما يتحول الجميع إلى وقود لا يدري إلى أي جبهة سينضم.

والقاعدة ليست سلوكا لفرد قرر أن يكون عميلا مزدوجا، بل هي الرؤية الضبابية التي ارتسمت منذ أن انهارت قاعدة البحث عن حقوقنا، فأصبحنا مخترقين، وبات البحث عن اللون الواحد ضرورة يجدها البعض في زوايا مقفرة داخل وزيرستان، أو حتى في جلسة فقهاء يتصارعون على "فتوى"، أو يقررون أن لفظ الجلالة حكر على مجموعة من البشر مستعيدين "يهوه" وخصوصيته في الروايات العبرية.

سأحزن على من يفقدون الرؤية... سأشعر بالموت البطيء لثقافة تحرقني من أخمص قدمي، وسأنطلق للبحث عن ضوء كان وما يزال حدا فاصلا ما بين المقاومة والإرهاب، وما بين "الأمن" والسياسة، وبين الحق الذي ضاع والقدرة على التحرر من السواد الذي يكلل المرأة والقبح الذي يسبق استراتيجيات مكافحة الإرهاب.