كيف نعجز عن خلق هذا الحراك الذي يصورنا من جديد، أو يدخل في الصراع نحو تبديل القناعات، فالأزمة لا تبدو في أن فتاة تقبع في المستشفى و "جريمة الشرف" تنتظرها في الخارج، لأن مشكلة هذه الفتاة هي في عجز النظام الاجتماعي عن حماية أفراده، أو الحفاظ على خياراتهم، ومنحهم "المساحة الإنسانية" لكي يعيشوا حياة طبيعية، والمفارقة أننا نبحث في مسألة "حق الحياة" الذي يتطلب على ما يبدو اختراق داخل نظام القيم، وصراعا ضد موروث اجتماعي، بينما نتربع على بيئة "ساكنة" تشبه الموت في عدم قدرتها على اختراق جدران "قبر" يشبه الاقتناع بأن "إعاقة" قد أوجدتنا وعلينا التكيف معها.

صورة تلك الفتاة.. وشكل الخوف الذي يرتسم قبل لحظات تنفيذ حكم الموت لا يمكن أن توقفه صفحات يتم بعثرتها على مواقع الإنترنيت، فهي لا تستحق الشفقة بل محاولة خلق إرادة تغيير اجتماعي، فهذه الإرادة المفقودة بحكم "الإعاقة" ستجعلنا نقف عبر طابور طويل كي نرسم بشكل متتالي ملامح الرعب والخوف، ونكتب الزمن الذي يضمنا بأنه الأكثر اصفرارا، أو الأقدر على جعلنا متراكبون فوق النظام الاجتماعي الذي يسقط فوقنا، فنبدو بحالة انهيار إلى الداخل، فتصبح الأسماء الموجودة على لائحة القتل جدران جديدة أمام التفكير أو الإرادة أو المسافات التي نحلم الدخول إليها.

قناعات تبدو بعمر ما تبقى من أطلال الحضارات البائدة، ووجوه لإناث لا يقتنعن حتى تصبح أسماؤهن على جدول "الذبح" الخاص بجرائم الشرف أو الاحتلال أو الضياع أو حتى التحرش الجنسي، بينما "حراس التراث" قادرون على الإدلاء بتصريحات سريعة عند عدم جواز "جريمة الشرف" لكنهم يستخدمون ألف "خطبة" و "موعظة" لشحن الهمم حتى يصبح الشرف الرفيع نوعا من "الظلال" التي ترسم فارسا يجتث الجميع.

صورة الفتاة تنتظر على ما يبدو "العناية الإلهية"، لتصبح قصة تنتقل بنا إلى الألوان التي شاهدناها أو ربما شاهدتها نفس الفتاة في طفولتها، فتتخيل أن جنيا سيدخل على مسرح الحدث، أو مسرح الجريمة، فيعيد الحياة إلى قانونها الطبيعي، لكن القوانين لم تعد ممكنة، وتكوين النظام الاجتماعي لم يعد يتحمل الفرح، فهو يشبه الشوارع حيث تتصارع السيارات، وتتداخل مع إشارات المرور والأرصفة التي تعج بالمركبات، بينما يصعب البحث عن مساحة فارغة واحدة يمكن أن يتوقف فيها الإنسان ليفكر.

هي "إعاقة" بلون البقاء عند حدود العادة، وعدم تحطيم الكلمات التي تحيط بنا، فتتركنا مثل أنصاف الآلهة التي ابتدعها البعض ليستعيض عن الصور الجميلة للخالق بمشاهد أخرى ترتفع فيها الجدران داخل العقل لتبلغ السماء السابعة... ولكن هل هناك سماء سابعة!