لمجرد الوصف فقط تظهر "قوة التأنيث" خارجة عن المألوف، فهي التي تكتب كلمات راقصة، أو جمل تسبح في مساحة اللامعقول، وهي أيضا "الخيال" الذي يجعلنا مراهقين في كل مراحل العمر، ثم يعيدنا إلى الأرض مرة أخرى كي نفهم الحياة على سياق المفاجأة، ولأن التمايز مسموح في زمن حجب الثقة عن الإناث، وفي العصر الذي بتنا نبحث فيه عن مخارج للحروف دون تلعثم فإن "التأنيث" يعود خارج إطار "النقاب" و "الحجاب" و "الطلاق بالثلاث".... تأنيث يمكن أن يشكل الحد الفاصل بين زمنين أو فتاتين أو حتى رجلين يبحثان من جديد عن الإثارة.

ومن دون سبب أحتاج لبداية جديدة في التعبير يمكن من خلالها رسم "قوة التأنيث" التي طال انتظارها، وطالت معها أشكال التيه الذي لم يفارقنا لحظة، فعندما نعيد رسم الأنثى فإننا أيضا نبحث عن الذكر أو نكون صورة العالم دون أن ندري، فهي قوة ليست حكرا على بنات جنسي، أو أمثلة بقيت في ذاكرتنا منذ أن قررت "ولادة بنت المستكفي" اعتزال التحدي.

والبداية تظهر من دموع سارحة، نسكبها لأننا نهوى تحويل المواقف وإعادة الشكل إلى حالة مختلفة تحتاج لمشاعر مختلفة ولخيال قادر على عبور الجدار النفسي الذي يسكننا كبشر وليس كإناث، وفي اللحظة التي يبدأ فيه الضعف نبدو ضمن إطار واحد لكنه في النهاية ليس ضعفا إنثويا لأنه مشهد واحد من القدرة على السكون أو الاستكانة ورثناها من زمن القحط أو الجفاف.

الدموع أصبحت سلاحا في وجه الآخرين.. هي سلاح لم نبتكره لكن "الآخر" هو من رسمه واعتبره قاتلا، أو شكله علامة ضعف، إلا أنه حالة من "السكب"... حالة تحاكي الطبيعة وتريد أن تتجاوزها، فهل يمكن إعادة فهم الدموع على انها انطلاقة مختلفة؟!! في "قوة التأنيث" علينا أن نعيد تعريف صفات الأنثى وردود فعل الذكر، حيث تغدو الدموع مرحلة لا بد منها لإثبات أننا أحياء رغم معارضة القدر لوجودنا، ورغم أن التشكيل الذي نظهر فيه هو تجاوز لمفهوم الجنس الاعتيادي، لأنه يريد صياغة زمن "ما بعد الدموع"... زمن يمكن عبره الكتابة بحرية وممارسة العشق بشكل غير نمطي، ورؤية الذكر على أنه كشف وليس مجرد غطاء يمنحنا الشرعية.

ثم تتغير المساحات أو المسافات، ونصبح قادرات على خلق مساحة الامتزاج الحقيقي بالحياة، فما بين الحرية والحياة حالة وجد لا تنتهي، وجرأة في اكتشاف الحياة أو امتشاقها والدخول إليها من بوابة الحلم المستمر....

هي صورة واحدة لوصف "قوة التأنيث" على مشهد الدموع التي كان يحلم بها الشعراء كنقطة ضعف للأنثى.....