هو خليط ما بين السياسة والأدب، فعندما نحاول قراءة "التصريحات الإسرائيلية"، نشعر أننا خرجنا عن دائرة ما نريد، وتتكسر أقلامنا ولو للحظة، أو تغدو المسائل الاجتماعية وكأنها عائمة على هامش من الحياة، فنتنياهو "لا ينوي شن حرب" ضد سورية، وحماس تتهم السلطة في اغتيال أحد كوادرها على يد قوات الاحتلال، وأوباما يؤكد على علاقات استثمارية مع "الشرق"، وفوق كل هذا تقارير عن مفاوضات سرية و "خيبة ميتشل" وقضايا أخرى تغلف فضاء العين، فلا يبتعد النظر قليلا إلا ويصطدم بكلمات جديدة تحد الرؤية، أو تجعل من الحياة خانقة مغلقة بحواجز الجمل والسطور.

والخليط السياسي هو أيضا جمل أدبية وأحيانا منمقة، وهي أيضا محضرة سلفا وربما ستدخل في "المدونة الإسرائيلية" قبل أن تتم ترجمتها إلى لغات أخرى ومنها العربية، فنحن نضيف تلك التصريحات بالصوت والصورة على قنوات التلفزة العربية، و "إسرائيل" تستضيف رئيس السلطة على شاشتها لنسمع تصريحاته، أو لنؤكد للآخرين مدى "تعقلنا" وقدرتنا على ضبط النفس، ونلتزم بقرارات الأمم المتحدة وبنصائح النظام العربي بعدم المغامرة أو "سد ذرائع العدو"، فهناك معادلة علينا الحفاظ عليها تبدأ بـ"التعقل"، وتنتهي بأخبار الاغتيالات أو القصف العشوائي أو انهيار التسوية فوق رؤوسنا.

"التعقل" في كل التفاصيل، وكأن العقل وظيفته كبح الحياة وضبطها على إيقاع الآخر، ثم تشكيل الإنسان في مساحة واحدة لا يستطيع تجاوزها لأنه أصبح جزءا من الأشكال القديمة التي حفرتها عوامل الطبيعة. على الأنثى أن تتعقل في علاقاتها وعلى المراهق أن يهدأ قليلا أمام رغباته، ثم علينا كمجتمع أن نستوعب دروس الماضي لأنه الشيء الوحيد الذي تيقنا أنه حدث، بينما لا نعرف ماذا سيكون عليه المستقبل، وأخيرا على الجميع أن يفهم حقيقة الاستقرار في المنطقة و "تشابكات الوضع" و "النوايا الإسرائيلية" ووووو "ضرورة السلام".

كم نحن محاصرون بهذا التعقل، أو مخنوقون بالقدرة على البقاء فيه دون أن يستطيع الخيال والحلم بناءنا من جديد.... وربما يبقى السؤال هل ظهر الاحتلال الإسرائيلي بنفس قواعد التعقل التي نطبقها على أنفسنا؟!!!!