يعتبرها البعض هواية أو مشاكسة، أو ربما ابتعاد عن تكسير لاعتياد الحياة على مسار دائري فلا نكاد نبدأ حتى نعود إلى نقطة البدء، لكن التحدي يمكن أن يصبح مغامرة مختلفة، ويبعث على الدفء رغم القلق الذي يظهر في كل لحظة أو يتمركز بين العينين وكأنه قدر على التعايش معه.
هي تبدأ من اللحظة التي نريد فيها تبديل التفكير، أو رسم المساحات التي لم تُخلق بعد، فنصبح أمام أفق جديد، وربما هذا ما حدث عندما وجدت نخب بداية القرن العشرين انها أمام حبل المشانق، وفي مرحلة لاحقة ظهرت وكأنها تعيد كتابة الماضي والحاضر في سياق مختلف، وفي النهاية نستقبل القادم وفق سياق متبدل لكنه لا يدعنا في الحلقة الدائرية، أو ضمن الملل الذي يجعلنا نقف أمام التصريحات السياسية فيختلط الزمن ولا نعرف هل ما يقال يحدث الآن أو في زمن سابق.
القضية ليست بتلك البساطة، لأن القرار ليس ذاتيا وعندما نريد التحدي نجد أننا سنواجه حالة مختلفة وشبكة من المؤثرات التي تتداخل أحيانا مع عواطفنا، وأحيانا أخرى مع الشكل الذي يريد تسير حياتنا، فنخترق الهدوء الذي يميز وجوه العالم ويصبح من الصعب التلفظ بكلمة دون أن نرصد ردود الفعل، لكننا في النهاية سنغضب أو نحزن إلا أننا ندخل الحياة بدلا من أ ن نراقبها.
صورتي أو صورة غيري، أو حتى وجوه منسية من التاريخ القريب لمن عُلقوا في المشانق، لكنها هي "الحياة" بذاتها رغم كل التفاصيل الهائمة داخل الحدث مهما اختلفت نوعيته، ثم نجد أنفسنا خارج إطار النمط الواحد وهو شكل متعب لكنه ينقلنا من مساحة إلى أخرى ومن عشق إلى آخر، أو ربما من موت إلى احتمالات خلق المستقبل.
يمكن أن نتحدى... ويمكن أن نصبح قضية تاريخية أو صورة دائمة أمام الوجه فنفكر ثم نبدأ، أو يخدرنا الماضي فنفرح لأننا نجونا، فيفرح الجميع بنا ونظهر داخل الريح التي تبدل الأماكن وتحمل معها ألوانا مختلفة وكتابات وربما مشاهد غير مألوفة، فهل يمكن أن نجد أنفسنا في مساحات جديدة؟!! إنه الخيار الذي ينقلنا إلى حدود بعيدة لكنه في نفس الوقت يتركنا نعيش على "الخيال" الذي نرسمه في كل لحظة، وهل يمكن للدنيا أن تظهر دون هذا "الخيال"؟ أو هل يمكن البحث عن عشق جديد دون تحد يرتبط في أعناقنا؟!!
شهداء أيار كانوا عشاقا بامتياز، وكانوا أيضا أفق التحدي الذي يغيب كثيرا لكنه عندما يظهر يبدل المشهد ويمحو التفاصيل، ثم يكسر الحدود التي كانت تحيط بوجهي وجسدي وعقلي، فأقرر أو يقرر آخرون خوض التجربة، وتبدأ الحياة مسيرة هي بالتأكيد مختلفة.