هي بالفعل لا تحتاج إلى أي كلمات إضافية فوجودها كان كافيا، والصور التي تم نقلها عبر الفضائيات لقدرتها على الهدوء وسط "هرج الكنيست" كافية للتوقف والتفكير بـ"العمل السياسي"، فحنين وربما من قبلها عزمي بشارة أو أي عربي في "الكنيست" هم في النهاية ظاهرة سياسية لم تدخل على ما يبدو "وعينا السياسي"، فـ"المعادلة السياسية" تبدو لنا دائما "أحادية الجانب"، بينما لخصتها حنين بشكل مختلف وربما بثمن يوازي نوعية "أزمة الوجود الإسرائيلي" الذي نشهده اليوم.
المسألة يصعب اختصارها بكلمات سريعة، لأنها تنتقل في مساحة العمل العام ورؤيته وفق الأهداف التي نراها، فعندما كان أسطول الحرية يتجه نحو غزة لم تكن الاحتمالات ترقى إلى الصورة الحالية، وفي نفس الوقت لم نكن نعرف ما الذي ستفعله "السياسة" داخل الكنيست تجاه سيدة قررت التعامل مع الموضوع وربما تحدي الواقع المفروض أمامها، فهي تعرف المعادلة وخبرتها بشكل كامل، لكن مسألة الجرأة على التعامل مع توازنات صعبة هو ما ميز عمل "حنين" أو ربما إدراكها المسبق لنوعية العاصفة التي ستظهر بمجرد أن غادرت الأرض المحتلة.
كانت الصورة أكثر من واضحة، والمشهد الذي يرتسم يعاكس المنحى المفروض قسرا على الفعل المقاوم، فهو ليس احتكارا، وهو لا يقتصر على "الملثمين" الذين يظهرون فجأة، وهو أيضا حالة إدراك لـ"الاحتلال" بالدرجة الأولى وذلك بغض النظر عن المظهر، فكسر الحواجز اليوم هي الشأن الأساسي لجعل "الاحتلال" مكشوفا أمام ذاته ثم أمامنا.
صورة البحر المتوسط لم تتغير وحتى نوعية "الصراع" باقية، وحتى عندما نضع "حنين الزعبي" داخل المشهد فإن ما يبقى هو الطيف الذي يرتسم من يافا إلى الناصرة، فنتذكر حالة القطع الموجودة على مشهد بات مختلفا منذ عام 1948، لكن السنوات كانت تعيد للجرأة موقعها، وتجعلها في ذروة السياسة التي مهما كانت "هادئة" لكنها قادرة على التأثير في مسرح يبدو اليوم متبدلا أكثر من المعتاد.
بالأمس كانت فيروز تغني:"وسلامي لكم .. يا أهل الأرض المحتلة... يا منزرعين بمنازلكم قلبي معكم وسلامي لكم"... هم منزرعون بالفعل في منازلنا أيضا وحتى في مستقبلنا...