الكاتب : سها مصطفى

لاتمتلك دمشق الكثير من الوقت لإعادة ترتيب اوراقها على وقع الاستحقاقات القادمة من بيروت والعراق، استحقاقات تزداد تشعبا في كل من الملفين العراقي واللبناني، استحقاقات ظنت دمشق أنها بحكم المنتهية، إلا أنها لم تعد كذلك في العرف السياسي، فمالم تتمكن الولايات المتحدة و’إسرائيل’ من تحصيله عسكريا في حرب تموز، يتم السعي حاليا لتحصيله عبر المحكمة الدولية وقرارها الظني المرتقب، قرار إن نحجت المقاومة والمعارضة اللبنانية بمحاصرته عبر إعلان عدم دستوريته، تمكنت من تخفيف وقع القرار الظني الهادف لاجتثاث المقاومة اللبنانية بعد نصرها في العدوان التموزي الإسرائيلي على لبنان.
أما عدم تطويق مفاعيله، فيعني محاولة تجاه التصعيد في الداخل اللبناني، ومحاولة اعادة لبنان إلى السنوات الخمس الماضية، وشلل الحياة السياسية مجددا، نتيجة وجود من يسعى بالتعاون مع مصر على تحقيق خرق لصالح ’إسرائيل’ والولايات المتحدة، لكن الانظار المعقودة على التفاهم السوري السعودي تجاه بيروت، تبقى مجرد معادلة غير ناجزة على وقع الانقسام داخل البيت السعودي والذي يجب أن يحسم سريعا، مايضع المماطلات من قبل قوى الرابع عشر من آذار في خانة كسب الوقت من جهة، والربط مابين التوجه السعودي ونتائج الانتخابات الأمريكية التي ستحسم الصراع مابين الحزبين الجمهوري والديمقراطي من جهة أخرى، رغم أن السياسة الأمريكية لم تختلف في عهد الرئيس باراك اوباما عن الرئيس الاسبق بوش.
فاتهامات وزيرة الخارجية السابقة كونوليزا رايس لا تختلف اليوم عن تصريحات الناطق باسم البيت الابيض فيليب كروالي، مايجعل الاختلاف الحالي مابين الادارة السابقة والحالية يختلف لجهة الاسلوب، فيما تتجه كلا السياستين الى هدف واحد باتجاه تقسيم المنطقة الى دويلات طائفية.
فيما يبدو العراق في حالة من الفوضى الخلاقة مع ازمة تأليف الحكومة العراقية، وتعليقها إلى أجل غير مسمى ايذانا بالمخطط الأمريكي الرافض لوحدة واستقلال العراق الذي أكدت عليه دمشق ودول الجوار العراقي في أكثر من مؤتمر، بهدف تقسيمه الى كونفدراليات بخاصة أمام وجود القواعد الامريكية المنتشرة في العراق، مايعني أن انسحاب الجيش الأمريكي من العراق مجرد تحصيل حاصل، خاصة أمام تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الأسود في مجال الحروب وعمليات دعم الانقلابات والمتمردين، والتي بدأت عام1916 باحتلال الدومينكان، وتقف اليوم لدى مع العراق الذي يحمل الرقم 86 في سلسلة الحروب والانقلابات الامريكية، عدا مشاريع الابتزاز السياسي مع المشاريع التي قادت لوائها الولايات المتحدة الامريكية مع عدم مشاركتها في الحرب العالمية الثانية، والسيطرة على الاقتصاد الاوروبي المريض بعد الحرب، عبر مشروع مارشال الاقتصادي، والذي جعل من اوروبا مجرد قاطرة للبضائع الامريكية، ليعلن بالنتيجة بدأ عهد القطب الأمريكي حتى الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي والتي يردها مؤرخون الى عام 1946.
أما على الصعيد الفلسطيني، لاتبدو دمشق أمام استحقاقات جمة في الداخل الفلسطيني أمام فشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تحت وطأة سياسة الاستيطان المستمرة، مايجعل من المفاوضات مجرد رخصة لتمديد الاحتلال وشرعنته غربيا، فيما يضحي ملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية معلقا ريثما يتم التسوية مابين الفريقين ’فتح’ وحركة المقاومة الإسلامية حماس، والتي فقدت عناصر الضغط مع فشل المفاوضات مابين الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمودعباس ونظيره بنيامين نتنياهو مع مطالبة الأخير عباس بالاعتراف بيهودية إسرائيل!