هناك عودة إلى مسألة "السلوك السوري" في التصريحات الأمريكية، وهو أمر ليس جديد ا لكن إيقاعه مختلف عن مرحلة الرئيس الأمريكي الأسبق جوروج دبليو بوش، فهذا السلوك يبدو أنه بقي مزعجا منذ مراحل الاستقلال، والجديد فيه هو نوعية البحث فيه أو "تفكيك" هذا السلوك على إيقاع ما بات يعرف بـ"القرار الظني".
بالطبع فإن استمرار البحث في العلاقة بين سورية وحزب الله وإيران يقدم على الأقل مؤشرين:
الأول هو أن مسألة القرار الظني باتت وسيلة لتفكيك المنطقة وليس فقط الضغط على المعادلة اللبنانية، فهو مظهر إحراج لسورية وإيران ومقدمة لتبريرات باتجاه إجراءات ربما تصل إلى حد العمل العسكري، لكن هل كانت واشنطن تتوقع أن يتحول ما تسميه "السلوك السوري" نتيجة القرار الظني؟
بالتأكيد فإن إدارة أوباما لم تكن كسابقتها لأنها رهانها الأساسي ارتكز على التحولات "الصغيرة"، وهي لم تترك الساحة اللبنانية كما يعتقد البعض، بل كانت تراهن على أن بعض الأدوار الإقليمية ستوصل حلفاء الماضي نحو نقاط الاختلاف، وهو أمر فتح الباب نحو تبديل الخطاب في لبنان أو حتى خارجه وبدأت بوادر انفراج كان من المفترض أن يُحرج إيران بتقليص دورها، لكن العلاقات الإقليمية والشرق الأوسط عموما يبدو أنه يتحرك على "أزمات حيوية"، حيث لا يمكن المراهنة على تلك التحولات الصغيرة فقط وعلى الأخص بوجود "إسرائيل" التي تملك قلقها الخاص من أي دور إقليمي آخر غير دورها.
المؤشر الثاني أن الولايات المتحدة تُهيئ لبيئة مختلفة عن المرحلة السابقة، فالتخوف من حرب إقليمية هو الذي يدفعها نحو البحث في العلاقات داخل الشرق الأوسط من جديد، فهي ستكون أكثر قدرة على التحكم فيما لو استطاعت تحييد بعض القوى الإقليمية في علاقتها في مع سورية أو حتى في ضغوطها ضد حزب الله.
حتى اللحظة لا توجد أي دلائل على أن تلك "البيئة" تحققت، لكن هذا الأمر ربما يحتاج إلى وقت أطول، وهو عمليا سيشهد سباقا مع الزمن من أجل الأمساك بالملفات، وربما سيدفع الولايات المتحدة على رهانات باتجاه الداخل الإيراني أو التركي أو حتى السوري، طالما انها تقوم اليوم بنفس هذه التجربة داخل لبنان، وهو "رهان" لن يكون عنيفا على شاكلة ما كان يحلم به جورج بوش، لأنه يتجه نحو "إفشال" دول المنطقة في التعامل الذاتي مع أزماتها... فهل سينجح مثل هذا الرهان؟؟