هل من الضروري أن نطرح نفس السؤال عند كل محاولة لإبداء وجهة نظر؟ إن سؤال "من نحن" الذي يظهر في كل صفحة رئيسية لمواقع الإنترنيت يبدو ضروريا أحيانا كي يعرف المتصفح هوية الموقع، والاعتراض الذي نبديه على هذا السؤال لا يتعلق بضروراته، بل بنوعيته كحالة مستمرة منذ اكثر من نصف قرن، فعندما نتحدث عن "من نحن" فإننا نفتح بابا واسعا ظهر قبل الاستقلال ومازال مستمرا حتى اليوم.
لكن التساؤلات تبدو مكثفة باتجاه "سورية الغد" .. معيدة طرح السؤال نفسه، وتبدو الإجابة في كثير من الأحيان صعبة لأننا لا نريد وضع إطار يحدد هوية مسبقة .. فسورية الغد كما نحلم بها هي المستقبل .. وسورية الغد لا يحدها إطار أو تيار لأنها محاولة مبدئية لتحريض الإبداع.
إن التحديد المسبق للهوية يفترض سلفا أننا فعلا قادرون على رسم رؤية للمستقبل، لكننا مازلنا نسعى لإثارة الشكوك حول ثقافة غير قادرة على الحوار من أجل المستقبل، لأنها تنظر نحو الماضي، القريب او البعيد، بينما تحلم بتجاوز أزماتها. المستقبل هو محاولة ربما لم تتبلور بعد، لكننا على ضعف الممكنات نريدها لدرجة الرغبة... والمستقبل المتحرر من القبلية السياسية باتجاه العمل العام الذي هو شرط هذه المحاولة، هذا على الأقل ما نريد أن نعمل لأجله. فالتجربة المعاصرة ربما حاصرت معظم المحاولات .. لكنها لا تستطيع خنق رغبة العقل في التحرر.
ومرة اخرى فإن المستقبل ربما لا ينتظر كثيرا، وقبل محاكات الحالات المطلبية للتيارات على اختلاف توزعها السياسي، فإن على العقل السعي لإيجاد محاولات خرق لثقافة القرون الوسطى .. والعقل هو المستقبل لأنه قادر على تجاوز العصبيات الحزبية، ومحاولات تعليب الأفكار أو استجداء الماضي والحاضر....
سورية الغد .. سورية المستقبل .. ليست تيارا لأن الحلم يتخطى واقعية تسيطر اليوم على الحياة العامة .. وهي أيضا لا تعبر عن محاولات تجاوز الجغرافية – السياسية نحو آفاق افتراضية .. سورية الغد هي محاولة لتحريض العقل نحو الإبداع .. هذه هي المهمة اليوم التي نريد أن نعمل بها