حتى ولو تطور استخدام الكلمات فإن مدلولاتها ربما مازال على حاله، فـ"الطوشة" ككلمة لا تستخدم وربما تنتمي لمجال آخر من اليوميات الدمشقية التي كُتبت في مرحلة هي في النهاية موجودة، حتى ولو تم استخدامها بشكل آخر مثل "اجتماع" أو "حوار"، وليس علينا سوى مراجعة بعض وسائل الإعلام حتى يصلنا سيل من "الطوشات" القائمة على امتداد الشرق الأوسط.
بنفس الطريقة نستطيع اسقاط الأمر على "الأنثى" و "الحرية" و "الديمقراطية"، فهناك آلية اجتماعية استبدلت الكلمات دون القيم، وهي لم تستطيع تجاوز الزمن فبقيت عالقة بين الكلمة والحدث، وأنتجت آلية لا تستند إلى أي حركة معاصرة، والمسألة هنا ليست مجرد هروب من تحليل مظاهر سياسية أو اجتماعية أو حتى ثقافية، فهناك ما يكفي من الضجيج لدفعنا نحو الهروب باتجاه منطقة أخرى بحيث تتهاوى ملامح "الطوشة" القائمة، فنستطيع أن نكتب من جديد أو نفكر ونعشق أيضا.
تكثر اليوم "طاولات الحوار" واجتماعات "التقارب"، ولكننا بالفعل لا نعرف ما هي مفاصل هذا الحوار، وفي أحيان أخرى أسباب "اجتماعات "المصالحة" سواء كانت فلسطينية أو غيرها، ولكننا أيضا نحاول أن نضبط إيقاع "الطوشة" مع صور أخرى في تفاصيل الحياة، حيث لا تبدو "طوشة" السياسة بعيدة عن حركة الأسواق قبل العيد وعن سلوك البائعين الذي يقارب إلى حد بعيد "ضجر" السياسيين من التعامل مع الشأن العام!!!
قبل الأعياد يتزحلق "القرار الظني" على جباه الجميع، ويعلق أمام تصريحات قوى 14 آذار، أو يصطدم بما يقوله "عزام الأحمد" عن المصالحة، أو حتى ما تتركه كلمات أسعد أبو خليل على مساحة جلدنا كل سبت بمقالة أسبوعية في جريدة الأخبار، ومن أين ستسقط ملامح "الطوشة" المعاصرة رغم أنها ستقود إلى نفس الطريق القديم سواء في أحداث 1860 أو ما بعدها... وهل نملك إلا مسار واحد لكل ما يحدث!! وهل نستطيع الانفصال عن الماضي ولو بالتصور الذهني؟
كلمات ما قبل العيد لا تختلف كثيرا لأنها نفسها التي ظهرت قبل عام أو عامين أو مائة عام، فهي ليست تكرارا بل ملل من عدم القدرة على ابتكار كلمة أو سياسة أو فكرة خارجة عن مألوف "تصوراتنا" عن "الطوشة".... وعذرا من "غوار الطوشة".