تحت عنوان جائزة نوبل "وحقنا" الضائع فيها أعادت جريدة الثورة الدمشقية 7-11-2010 نشر أجزاء من مقالة رئيس تحرير مجلة دبي الثقافية الأستاذ سيف محمد المري في افتتاحية العدد 566.
لا أدري حقيقة سبب إعادة النشر مع أن التعليق عليها (ومن أجمل ما كتب حول هذه الجائزة) يمكن أن يكون سببا لإعادة النشر ولو أن من خارج سياق الموضوع برمته، إلا أن هذه المقالة تعتبر أنموذجا من (النق العربي) حول موضوع نوبل وجائزته العتيدة فبالإضافة الى العنوان الذي يشير الى (حقنا) والضائع ولا أدري من أين يأتي (الحق) بجائزة لأي كان فرد أو مجموعة أو مجتمعات ولكن وهمنا بسمو ما عن الآخرين قد يودي بتعبيراتنا الحقوقية الى المهالك، ولكن (مالنا) والعنوان ولننظر الى متن المقالة: يقول الأستاذ مري (من يتابع جائزة نوبل يرى أن حظنا نحن العرب قليل لا لقلة كفاءتنا....)!!! ليبدو أن هناك خلط واضح بين أعضاء الأكاديمية السويدية ودواليب سحب اليانصيب ، ويا ليت الأستاذ تكلم عن الاحتمالات الرياضية مثلا وليس عن الحظوظ فنحن العرب نعاني من قلة الحظ في كل شيء، ويردف الأستاذ مري (لإن الجائزة وللأسف "تعاني" من "ظاهرة التسييس" التي "طرأت" عليها) !!! ولا نريد في هذا المقام أن نقول المثل الانكليزي الشهير (أنظروا من يتكلم)!!! حيث أن التسييس كـ " معاناة "وظاهرة" مسألة محسومة وبدهية ولا أحد لا من أعضاء الأكاديمية السويدية نفى ذلك أو أكده، لأن التسييس هو صراع وتنافس ومن يقصر أو يخسر هذا الصراع (يطلع من المولد بلا حمص) وهذه بدهية سياسية لمن يدفع بالتسييس أي أن الجائزة لم " طرأت " عليها "ظاهرة" التسييس ولا "تعاني" منها، لأن الجائزة برمتها كما مقرريها ينتمون الى ثقافة ذات تيار وتوجه وليسوا من أصناف الكائنات ممن يسكنون الكواكب الأخرى ويرون أن سكان ألأرض سواسية في "الحظوظ" هذا إذا لم نقل أن المحكمين هم نخبة معايرة وليسوا مجرد أحباء أو أصدقاء أولياء الأمور في ألأكاديمية ، ففي هذه الثقافة غير المحايدة لا يلمون المحكمين (على ثقافاتهم وتوجهاتهم) بناء على الارتجال الشخصي ولكن بناء على الجدارة ، وإذا كان هناك تسييس فالفرصة متساوية للجميع كي يقوموا بضغوطهم ، أي أن التسييس مناسبة للحراك التنافس وليس مناسبة للردح والنق. والتحق بكلام التسييس الكلام الذي أورده كاتب المقال عن "التجاهل" (تجاهل المبدعين العرب) الذي يعزوه للضغوط السياسية الصهيونية الذي "يرسم" صورة نمطية للعرب تتمثل بالإرهابي، حيث يبدو أن صوت الإرهاب أعلى من صوت الإبداع تماما كما السكين كانت أقس وأصلب من رقبة نجيب محفوظ ، ليقرر صاحب الافتتاحية أن فوز أي كاتب عربي أصبح من المستحيلات، دون أية نظرة مقارنة لنوعية المنتج الإبداعي ودرجة تفاعله مع ثقافة وخصوصيات اللجنة الأكاديمية، بالإضافة الى حيثيات هذا المنتج الإبداعي من نواحي النشر والانتشار والتأثير الخ حيث نرى في مقارنة غير جائرة في إحصائيات النشر والترجمة بين اثنين من حاملي نوبل هما أورخان باموق ونجيب محفوظ، أن نجيب محفوظ مع كل تاريخه الطويل وكثرة عدد قراء العربية أقل انتشارا من أورخان باموق بدلالة عدد النسخ المطبوعة بالتركية فقط، فعلى ماذا النق، وهل جائزة نوبل هي من تتجاهل أم العرب كقراء يفعلون؟ خصوصا وأن الحكومات العربية برمتها (لا) تتجاهل كتابها ومبدعيها ولا تفصلهم من إتحادات كتابها ملغية اعترافها هي بهم ومن ثم نطالب نوبل بتكريمهم؟؟؟ عجبي !!
طبعا يمكننا القول الخ... الخ.. من هذا النق العربي التي تعيده هذه المقالة أو الأجزاء المنشورة منها في صحيفة الثورة الدمشقية، ولكن علينا التوقف عند الدعوة التي تقول (وعلى صحافتنا ومثقفينا ومراكز صناعة "الرأي" في عالمنا العربي، ألا تسكت عن ذلك...الخ الخ فعلا هذه المرة) وهنا علينا أن نسأل بجدية هل نعتبر جائزة نوبل مهمة ومشرفة وذات قيمة؟ أم أنها مجرد جائزة مسيسة والأعداء يفصلونها على قياسهم ، كما أنها لا تعبر بسبب واقعها هذا عن أية قيمة معنوية وبالتالي لسنا بحاجة لها لأنها مزيفة كما أن الحاصلين عليها لا يستحقون أي احترام يسببه الحصول عليها؟ لماذا ننق على طلبها بهذا الإلحاح ما دامت بهذه المواصفات؟
إنه النق... المنتج الإبداعي الأكثر كمية عندنا ربما نستحق عليه جائزة نوبل لو كانت محايدة كما تدعي مع أنها لا تدع ذلك، فالإبداع نفسه ليس محايدا فكيف بجائزة تحتفي به... الحياد مسألة وهمية ندعي امتلاكها كذريعة لمطالبة الآخرين بها.. ولكنها عمليا غير موجودة وغير متوفرة إلا في نوبات النق التي أصبحت بحاجة الى علاج لرؤية الحقائق.
تبقى مسألة مواربة أو حولاء وهي جوائز السلام التي منحت الى المجرم ضد الإنسانية مناحيم بيغن ولكن من الذي منحت له مناصفة.. يا ترى؟ هل نكرر السؤال أو المثال؟