طبعا لا يوجد شيئ مكتمل في أي نشاط ثقافي أو اجتماعي هذا يمكن إطلاقه على كل بلاد الدنيا أثناء إقامة نشاطاتها وفعالياتها فكيف ونحن قابعون في العالم الثالث والأخير الذين لا نعرف من تقييم التجارب إلا إمتداحها !!
ولعل مهرجان دمشق السينمائي من هذه النشاطات التي تخضع للخطأ والصواب أثناء إقامتها أو تنفيذ مجرياتها خصوصا في ظل محدودية تفكيرنا بالنظام والتنظيم، فأستيعاب صالة بـ1200 كرسي لافتتاح بهذه الضخامة مع مدعويه يعتبر من المعجزات، وبما أن النظام والتنظيم هو معجزة في زمن ولت المعجزات فيه الأدبار، فالحل الوحيد هو استخدام صالة سينما الزهراء كأكبر صالة في القطر بالإضافة الى قيمتها الرمزية كصالة سينما، ولكن المهم ليس في هذا فالمهرجان نجح تنظيميا مع بعض الهنات هنا وهناك، ولكن مسألة أساسية فاتته ألا وهي الجمهور ...
لسنا بصدد القول أن الجمهور كان شحيحا أو هناك ضعف في الإقبال، بل لنقول أن حضور الجمهور هو مسؤولية المهرجان ومنظميه وهو أمر لم يعد بالعسير في هذا العصر خصوصا أن لدينا جامعات، وجمعيات ومناشط اجتماعية يمكن جذبها الى بهجة السينما ليس بالترحيب وإنما من خلال خطط إعلانية متقنة ونشاطات تخص المهرجان كمؤسسة مهتمة بتلقي عروضها السينمائية .
المهرجان ضرورة ولا مكان لمناقشة هذه الضرورة إلا من باب السعي نحو الاكتمال، والجمهور الذي يتفاجأ كل عام بحلول مهرجان دمشق السينمائي يبدو وكأنه حصل على برنامج طارئ في سجل يومياته، بما يعني أن لافتات تبلغوا وبلغوا لم تعد كافية، لذلك يبدوا أن من مهام المهرجان إدراج المهرجان في أجندة الناس الثقافية والاجتماعية .
هل من السهولة أن يحضر شخص ما من صحنايا أو جديدة أو قدسيا لحضور فيلم دون آلية لم يعتد عليها ولن يعتاد عليها ما لم يبادر المهرجان بدفعه للاعتياد ؟ بصفته صاحب المصلحة بالنجاح المرتبط تماما بحضور جمهور يريد الاطلاع على السينما فقط مجرد\ الإطلاع. أعتقد أن المهرجان نفسه مقصر من هذه الناحية فالسينما سلعة في المقام الأول تستحق الإدراج في برامج المواطن عبر دفعه وإقناعه بأنها تستحق العناء .
ليست المشكلة في تكريم الضيوف وحسن وفادتهم واستضافتهم، وليست المشكلة في الأفلام وتظاهراتها ونوعياتها فهذه مقدور عليها بعد 18 دورة، ولكن ذاك الإحساس بالانعزال من قبل المواطن هو المشكلة... كيف ولماذا.. هذه مبادرة تخص المهرجان وأهله ومنظميه، وما أن تلحظ المسألة وتبدأ المبادرة حتى تجد الكثيرين للتعاون معها إقتراحا وتنظيرا وعملا ، أي بتحويل مؤسسة المهرجان الى مؤسسة عاملة طوال العام في الجامعات والمناشط الإجتماعية ليس من باب التوعية بل من باب المشاركة، فهل يوجد إستقصاء رأي حصل ولو لمرة واحدة في إدارة المهرجان مثلا ؟؟؟؟
هل ذهب المنظمون بخطط إعلانية الى جامعات دمشق ودعت الطلاب فيها لإدراج المهرجان في أجندتهم؟ هل جربت إدارة المهرجان عروضا جانبية في صالات الضواحي أو حتى سينما هواء طلق في أماكن التجمع أو أي أمر تجريبي آخر؟
مؤسسة المهرجان تشتغل بشكل ناجح الى حد جيد في التنظيم والحفاوة والإستقبال والإفتتاح والإختتام، ويتبدى هذا في أيام إنعقاد المهرجان من خلال نشاط داخلي ناجح ولكن ماذا عن الخارجي؟
لم يعد في هذا العصر أمر صعب على الإعلان المدروس والمفكر فيه جيدا هذه أولا، كما أن هناك مدة زمنية تقدر بعام كامل أمام إدارة المهرجان كي تحضر الجمهور الالتحاق بفعالياته أو إستهلاك منتجاته. فمن يرضي هذا الشح بالجمهور، هل ترضى إدارة المهرجان بذلك؟
وهل يرضى المواطنون بذلك أيضا؟ وهو مهرجان يعبر عنهم، لا أظن ذلك، وأعتقد أن هناك نقطة وسطى تلتقي بها إدارة المهرجان مع الجمهور الذي تصنع له المهرجان كل عام.