الكاتب : نظير مجلي

على الرغم من المحاولات الإسرائيلية الحثيثة لإخفاء معالم الاحتلال في البلدات العربية والمستوطنات اليهودية في الجولان، بإبراز الحركة السياحية النشطة (نحو مليوني سائح ممن يصلون إسرائيل يؤخذون إلى الجولان)، والحرص على عمليات بناء وتطوير وإقامة نشاطات ثقافية ومناطق صناعية وحركة تجارية وزراعية، فإن الاحتلال يبرز في كل زاوية هنا. فالجيش الإسرائيلي يحتفظ بما يعادل 40 في المائة من أراضي الجولان، يسيطر عليها سيطرة تامة ويقيم فيها استحكامات وقواعد عسكرية ومراكز تدريب ومقرات ومرافق مختلفة. الجيش يضع يده على كل قمة جبل. وكيفما تدور تجد الجنود منتشرين على الطرقات وفي الحقول بشكل بارز. والدبابات تشحن عبر سيارات شحن، ليل نهار. والسيارات العسكرية تتجول على طول الهضبة وعرضها. وسيارات الشرطة العسكرية، تنصب الكمائن لمراقبة تحركات الجنود وتمنعهم من استقلال سيارات مدنية حفاظا على أمنهم.

من مجموع 1800 كيلومتر مربع، تشكل المساحة الإجمالية لهضبة الجولان، احتلت إسرائيل 1258 كيلومترا مربعا في عام 1967، أعادت منها 60 كيلومترا مربعا في إطار اتفاقية فصل القوات سنة 1974. ومن مجموع 150 ألف مواطن سوري كانوا يعيشون في هذه المنطقة، لم يبق في حينه أكثر من ثمانية آلاف، أصبحوا اليوم 22 ألف مواطن سوري يتمسكون بوطنهم الأم وبانتمائهم القومي.

ولما جاءت جولتنا بعد أيام قليلة من إقرار القانون الإسرائيلي الجديد، الذي يلزم كل حكومة إسرائيلية تتفق مع سورية (أو مع منظمة التحرير الفلسطينية) على الانسحاب من الجولان (أو القدس الشرقية) بطرح الاتفاق على الاستفتاء الشعبي العام، فقد طرح الموضوع نفسه في حواراتنا مع من التقيناهم من مواطنين سوريين واقعين تحت الاحتلال أو مستوطنين يهود يعبر وجودهم عن واقع الاحتلال.

أردنا مقابلة مجموعة من الشباب السوريين، فنصحتنا شابة نشيطة في العمل الوطني بأن لا نصاب بالمفاجأة أو الصدمة إذا قال لنا هؤلاء الشباب إنهم لم يسمعوا بهذا القانون. والأمر نفسه حصل لنا مع رجل الأعمال اليهودي، أفنير طالمان، الذي يقيم مصنعا كبيرا لصناعة الصابون من زيت الزيتون، فرد على سؤالنا بسؤال: «هل تم سن القانون فعلا؟ ماذا تقرر بالضبط؟». فقسم كبير من الناس هنا لا يتابعون الشؤون السياسية. لكن القانون يثير اهتمام السياسيين هنا من الطرفين.

الوطنيون السوريون، الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المواطنين السوريين هنا، يحاولون التقليل من أهمية القانون، علما بأنهم تبعوا خطى إقراره خطوة بخطوة. وكما قال هائل أبو جبل، وهو سجين أمني سابق ومن قادة النضال الوطني ضد الاحتلال: «أنا لم يهزني هذا القرار. أعتبره واحدا من سلسلة قرارات احتلالية، مصيرها إلى زوال. فمستقبل الجولان تحدده الحكومة السورية، فهي صاحبة الجولان. وأما إسرائيل، فهي بكل مؤسساتها لا تعنيني في شيء لأنها مجرد احتلال آخر. ووجودها هنا شيء عابر حتى لو طال الزمان».

والمحامية الشابة شفا أبو جبل، التي درست المحاماة في جامعة حيفا الإسرائيلية وتنشط في إطار موقع الجولان الإلكتروني، تقول إن إسرائيل بهذا القانون سدت الطريق نهائيا أمام السلام. وهذا يثير القلق إزاء المستقبل.
أحد القادة السياسيين الوطنيين، حمود مرعي، لم يفاجئه القانون، ويقول: «من قتل رئيس الحكومة الإسرائيلية، إسحق رابين، قتل عمليا فرص السلام. فمنذ ذلك الوقت تتفنن إسرائيل في الممارسات والمشاريع والقرارات التي تعرقل مسيرة السلام». ويضيف: الاتجاه السائد في إسرائيل نحو اليمين. وهناك يمين أيضا في عالمنا العربي يرفض طريق السلام. وكلاهما يغذي الآخر. بيد أن الشعوب العربية تريد الوصول إلى سلام، شرط أن يكون سلاما حقيقيا مشرفا، مبنيا على إعادة الأرض والحقوق.

منير أبو صالح، وهو أيضا من قادة النضال الوطني العريقين في الجولان، يقول إن القانون هو حلقة في سلسلة تثبت أن إسرائيل تتجه إلى اليمين المتطرف الذي لا يؤمن بالسلام. ويؤكد أن السياسة الإسرائيلية تدفع بالعرب إلى القناعة بأنها لا تفهم إلا لغة القوة والمقاومة.

في المقابل، ترفض الناطقة بلسان المجلس البلدي في مستوطنة كتسرين، فيكي بدريان، اعتبار القانون شيئا غير عادي. وتقول إن القانون يعزز الديمقراطية الإسرائيلية، لأنه يعطي وزنا أكبر للجمهور في اتخاذ قرار مصيري كهذا. فالجولان مهمة لإسرائيل من الناحية الاستراتيجية. ولا يجوز التعامل معها كما تعاملوا مع قطاع غزة في حينه، (الانسحاب من غزة تقرر في الكنيست بأكثرية عادية).

يهودا جليكمان، مستوطن في مستوطنة نوف، يقول إن لديه شعورا عاليا من الارتياح: «الآن أنا مطمئن، لأنهم لن يتخذوا قرارات متسرعة حول مصيرنا مثلما حصل مع المستوطنين في قطاع غزة، (الانسحاب الأحادي الجانب سنة 2005). أعتقد أن الانسحاب من الجولان لم يعد عمليا بعد هذا القانون».

وأما إيتسيك كوهن، المستوطن في مستوطنة نئوت جولان، الذي عرف عن القرار عندما أبلغناه بذلك، فقال: «الآن بات واضحا أن الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل وأننا بتنا نشكل الحزام الأمني لإسرائيل». وسألناه: «ألا يقلقك الواقع بأن هذا القرار يبعد السلام مع سورية؟». فأجاب: «لا يوجد في الطرف السوري شريك لعملية السلام. فالقيادة السورية تقيم تحالفا مع أعدى أعدائنا في إيران».

تثبيت الاحتلال ليس هناك شك في أن الإسرائيليين، عندما تمكنوا من احتلال هذه المساحة الكبيرة من الأراضي في الجولان، قد فوجئوا. فالمعارك لم تدم أكثر من يومين، حتى سيطروا على الهضبة بكاملها. كانت معارك قاسية جدا، حسبما يؤكدون. والكثير من الضباط الإسرائيليين يذكرون حتى اليوم معركة تل الفخار، شمال الهضبة، وكيف استبسل الجنود السوريون في الدفاع عن مواقعهم، حتى الموت؟ حيث ظلوا يقاومون إلى أن «استشهد» آخر واحد منهم. وكذلك الأمر بالنسبة لجبل الشيخ، الذي كلف احتلاله الجيش الإسرائيلي ثمنا باهظا.
ولكن هذا المشهد البطولي، لم يكن في حينه مميزا لجميع الجبهات. فقد تراجع الجيش السوري إلى الوراء أمام الزحف الإسرائيلي الجارف. وسادت بلبلة في صفوف الكثير من الوحدات. ونشرت في سورية نفسها أخبار عن سقوط مدينة القنيطرة وصلت أوامر بالانسحاب منها، قبل أن يصل إليها أي فيلق إسرائيلي.

وكان لهذه الوقائع أثر بالغ على معنويات القادة الإسرائيليين، وأصابهم بعمى الانتصار. وبدا أن القادة السياسيين والعسكريين، على السواء، عاشوا سكرة هذا الانتصار سنين كثيرة. فلم يأخذوا في حسابهم أبدا أن الجولان ستعود إلى أصحابها. وبدأوا سلسلة مشاريع لتثبيت احتلالهم، ليس من الناحية العسكرية وحسب، بل أيضا على الصعيد السياسي والميداني. فرفضوا أي مفاوضات سلام مع سورية (وكذلك مع مصر). وراحوا يبنون المستوطنات والمرافق الصناعية والسياحية ويسيطرون على مصادر المياه.

ولكن سورية أيقظتهم قليلا، عندما شنت الحرب سنة 1973 (حرب أكتوبر)، بالتنسيق مع مصر. وتمكن الجيش السوري من تحرير غالبية أراضي الجولان من الاحتلال الإسرائيلي. بيد أن إسرائيل عادت واحتلتها من جديد مع استمرار المعارك. وتم وقف النار بين الطرفين، بتدخل أميركي ودولي. وعقدت اتفاقية لوقف إطلاق النار وفصل القوات (سنة 1974)، أسفرت عن استعادة سورية قسما من أراضي الجولان، أبرزها مدينة القنيطرة المدمرة. فبقي في أيدي إسرائيل ما يعادل 1200 كيلومتر مربع من أراضي الجولان، حتى اليوم.

ومع أن هذه الحرب هزت كيان إسرائيل، فاعتبروها زلزالا، وكانت سببا أساسيا في التجاوب الإسرائيلي مع رغبة السلام المصرية (زيارة السادات إلى إسرائيل سنة 1977) والانسحاب الكامل من سيناء، فإن القادة الإسرائيليين لم يسارعوا إلى التخلي عن الجولان. وظلوا يراهنون على إمكانية الاحتفاظ به. وفشلت كل المفاوضات، وهي كثيرة، بين الدولتين في التوصل إلى سلام ثابت. وفي الوقت نفسه، استغلت إسرائيل كل لحظة لتثبيت هذا الاحتلال. وقوى اليمين الإسرائيلي مقتنعة بأن في مقدورها تكريس هذا الاحتلال إلى الأبد، ولذلك بادرت حكومة مناحم بيغن إلى سن قانون في سنة 1981 لضم الجولان إلى تخوم إسرائيل وجعل سكانه العرب السوريين مواطنين إسرائيليين يحملون الجنسية الإسرائيلية. وأطلقت مشاريع الاستيطان التهويدي.

وفي حينه،.برر بيغن إصدار قانون الضم بقوله: «إن سورية لا تقبل الاعتراف بإسرائيل أو التفاوض معها». واستشهد يومها بتصريح الرئيس حافظ الأسد لصحيفة «الرأي العام» الكويتية في 13/12/1981، الذي قال فيه إن سورية لن تعترف بإسرائيل حتى لو اعترف بها الفلسطينيون. وأضاف بيغن: لقد حان الوقت لاتخاذ قرارات من جانب واحد، مدعيا أن الجولان كانت في الماضي جزءا من منطقة «أرض إسرائيل التي أقدمت بريطانيا على تأجيرها إلى فرنسا وأعطيت اعتباطيا لسورية». وفي الجلسة نفسها رد أرييل شارون، وزير الدفاع آنذاك، على من حذروا من حرب سورية على إسرائيل فقال إن: «إسرائيل مستعدة لأي احتمال عسكري على الجبهة السورية، وأنها لن تتراجع عن قرار الضم الذي أصدرته». ثم تبين فيما بعد أن شارون يستعد لشن الحرب، فاحتل لبنان في السنة التالية (1982) بهدف استفزاز سورية.

وعلى الرغم من مرور نحو ثلاثين سنة على ذلك التصريح، أسمعت خلالها سورية ورئيسها، تصريحات واضحة لا لبس فيها سعيا للسلام مع إسرائيل مقابل الانسحاب من الجولان بالاتفاق، وتوجت بمبادرة السلام العربية التي تنص على إقامة سلام شامل لجميع الدول العربية مع إسرائيل، مقابل الانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967، وتسوية قضية اللاجئين، فإن السياسة الإسرائيلية لم تتغير بشكل جوهري.
وما القانون الجديد الذي تم إقراره الشهر الماضي في الكنيست للاستفتاء سوى خطوة أخرى لعرقلة مفاوضات السلام الممكنة، وربما لمواصلة طريق الحرب، أو على الأقل إضافة صعوبة جديدة على إعادة الجولان لأصحابها.

ولكن، ما الذي يجري على الأرض؟ وهل يمكن فعلا الإبقاء على الاحتلال هنا؟
يعرفون ثمن السلام ليسوا قلائل هم الذين يعتقدون في إسرائيل أنه بالإمكان تخليد الاحتلال في الجولان. ففي استطلاعات الرأي التي تجرى بمعدل مرة كل ثلاثة أشهر، يدلي الجمهور الإسرائيلي بآراء متطرفة ضد الانسحاب من الجولان بشكل منهجي، يزيد من سنة إلى أخرى. وفي سنة 2008، حينما بدأت مفاوضات إسرائيلية - سورية غير مباشرة بوساطة الحكومة التركية، أجرى معهد أبحاث تابع لجامعة تل أبيب، استطلاع رأي دلت نتائجه على أن نسبة الإسرائيليين الرافضين للانسحاب من الجولان بلغت (69 في المائة)، وهي أكثر حتى من نسبة الإسرائيليين الرافضين للانسحاب من القدس الشرقية (65 في المائة).

والاستطلاعات التي سبقت وأعقبت هذا الاستطلاع تشير إلى نتائج مشابهة. ففي استطلاع جامعة تل أبيب جاء أن 80 في المائة من الإسرائيليين لا يصدقون أن سورية مستعدة لسلام حقيقي مع إسرائيل، حتى لو أعيدت لها أراضي الجولان بالكامل، «لأن سورية لن توفر لإسرائيل شروطها لهذا السلام بنبذ الإرهاب والتخلي عن حلفها مع إيران ودعمها لحزب الله اللبناني وحماس الفلسطينية».

وفي استطلاع رأي أجراه معهد مناحم بيغن للأبحاث في تل أبيب، جاء أن 35 في المائة من الشباب قالوا إنهم مستعدون لمقاومة الانسحاب من الجولان جسديا والتمرد على أوامر الجيش، إذا احتوت على أمر بالانسحاب من الجولان. وفي الاستطلاع نفسه، قال 18 في المائة فقط من هؤلاء الشباب إنهم مستعدون لتمرد شبيه في حالة تلقي أوامر بالانسحاب من مستوطنة أرييل (المدينة الاستيطانية القائمة في قلب الضفة الغربية).

ويقول د.دوف أنشلوفيتش، وهو باحث يميني ينتمي إلى رافضي الانسحاب، إن تمسك الإسرائيليين بالجولان ورفضهم الانسحاب الكامل مقابل السلام الكامل، يعود إلى القناعة بأن سورية ليست معنية بالسلام. ويضيف أن هناك عداء مستحكما لسورية في إسرائيل، أكثر من أي طرف عربي آخر، بسبب تاريخ الحروب الشرسة معها. فهي التي استضعفت إسرائيل واحتلت أراضي كانت بحوزتها في عام 1948 (منطقة الحمة ومناطق أخرى على الحدود)، وهي التي مارست تعذيبا شديدا للأسرى الإسرائيليين الذين وقعوا بين أيديها. وهي التي تقيم تحالفا مع إيران وحزب الله وتنظيمات «الإرهاب» الفلسطينية، الذين يعتبرون ألد أعداء إسرائيل.

ويقول د. دانئيل رام، إن الإسرائيليين مقتنعون بأن السلام مع سورية غير مضمون. وأن الانسحاب من الجولان سيكون بمثابة تفريط في منطقة استراتيجية من الناحية الأمنية العسكرية ومن الناحية الاقتصادية المعيشية (الماء).

وإلى جانب هذه المواقف، توجد تعبئة سياسية مكثفة للجمهور الإسرائيلي ضد فكرة الانسحاب من جهة وضد سورية من جهة أخرى. فالحكومات الإسرائيلية ودوائرها تحرص عبر عشرات السنين، على جعل الجولان منطقة رفاه واستجمام للإسرائيليين. فمنذ عام 1981، عندما سن قانون في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بضم الجولان إلى إسرائيل، ترصد مئات ملايين الدولارات لمشاريع التطوير والبناء. في البداية قرروا تطوير الاستيطان اليهودي في المنطقة، وتحدثوا عن مشروع لزيادة عدد المستوطنين كي يصل إلى 100 ألف مستوطن. ولكن هذا المشروع فشل. ولم يزد عددهم على 20 ألفا، خلال 43 عاما. فراحوا يستثمرون الأموال في التنزه والاستجمام.

ولكنه ليس الاستجمام العادي، الذي يبادر إليه المواطنون العاديون أو تنظمه شركات السياحة وحسب، بل توجد عشرات المشاريع والبرامج الموجهة من مختلف المؤسسات والدوائر. فبالتعاون مع وزارة المعارف (التعليم)، تنظم رحلات لتلاميذ المدارس الثانوية يتم خلالها تعريفهم على الجولان ومرافقه السياحية ويتحدثون خلالها عن تاريخه القديم، حيث يبرزون الوجود اليهودي فيه، وعن الأهمية الاستراتيجية، فيتحدثون للطلاب عن «الاعتداءات الدامية للسوريين على بلدات الشمال في إسرائيل»، وعن أن «الجندي السوري فوق الهضبة كان قبل عام 1967 يتفرج على المرأة اليهودية في تلك البلدات الحدودية وهي تطبخ في المطبخ»، وعن أن «اليهودي لم يكن آمنا للحظة في مخدعه». ثم يتحدثون عن قصص الانتصار الإسرائيلي المبهر على سورية في عامي 1967 و1973.

وقد وجدنا أن الجنرال أفيغدور كهلاني، الذي قاد عمليات الحرب سنة 1967 شمال هضبة الجولان وأصيب بجراح بالغة وتحول إلى أحد «أبطال» تلك الحرب، وبفضل دوره فيها أصبح عضو كنيست، ثم وزيرا، أصبح مرشدا أساسيا لهؤلاء الطلاب في الجولان. فيستقبلهم في ميدان المعارك المذكورة، حيث يقام نصب تذكاري ويشرح لهم بإسهاب عن تلك المعارك. وقد شارك في هذه الرحلات فقط في السنة الماضية نحو 35 ألف تلميذ.
وتنظم رحلات شبيهة لكل الشبان والصبايا الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، في المراحل الأولى من تجندهم إلى الخدمة الإجبارية.

وفي الشهر الماضي، نظمت رحلة كهذه لنحو 250 رجل دين يهودي، بينهم 45 حاخاما كبيرا مثل الحاخام الرئيس دان تسيجر، ورئيس الحاخامات الشرقيين شلومو عمار، ورئيس حاخامات تل أبيب يسرائيل لاو وغيرهم.

وفي الجولان توجد مرافق سياحية كثيرة تستقطب مليوني سائح أجنبي كل سنة، ومعهم لا يقل عن نصف المليون إسرائيلي، يمضون فيها عدة أيام. بينهم نقابات منظمة، لموظفي البنوك والشركات ولعمال المصانع ولمعلمي المدارس وغيرهم. عمليا، يمر من هذه المنطقة غالبية الشعب في إسرائيل. وهنا في الجولان يستجمون ويتمتعون بالمناظر الطبيعية الخلابة وشلالات المياه الفريدة ويشترون منتجات التفاح والكرز وهي «على أمها» (على الشجر) ويتزلجون على الثلوج في قمم جبل الشيخ.. وفوق ذلك يتلقون عمليات غسيل دماغ بروح ما يبثه المستوطنون أو المسؤولون الحكوميون والعسكريون.

وقد شاركنا في إحدى الجولات المنظمة لمجموعة من المواطنين الإسرائيليين في بلدة كتسرين، التي تعتبر عاصمة الاستيطان اليهودي في الجولان، وزرنا متحفا ومصانع وبيوتا ومقرات بلدية، وحضرنا فيلمين دعائيين عن هذه المنطقة وتاريخها منذ مئات ملايين السنين وحتى اليوم. فأدركنا كيف تتم عملية التعبئة التي تربط الناس هنا مع الجولان، ومع كنوزه الطبيعية ومرافقه الجديدة. وتقنعهم بأن بالإمكان الإبقاء على الاحتلال الإسرائيلي للجولان سنين طويلة. وتجعلهم بالتالي رافضين للانسحاب منه، حتى لو كان ذلك مقابل السلام.

المصدر : الشرق الاوسط