أدت موجة جديدة من الهجمات ضد المسيحيين العراقيين عشية رأس السنة الى سقوط قتيلين و16 جريحا مساء الخميس باستهداف 14 منزلا في بغداد حيث قتل العشرات منذ شهرين.
وكشف مصدر مسؤول بالداخلية العراقية، أمس، أن القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، نوري المالكي دعا المسؤولين في وزارتي الدفاع والداخلية إلى وضع خطة أمنية واضحة لحماية المسيحيين في بغداد والمحافظات .
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن ’المالكي الذي يتولى إدارة وزارة الداخلية بالوكالة عقد صباح أمس اجتماعاً أمنياً خاصاً مع كبار ضباط الوزارة لبحث المتطلبات الأمنية لعام 2011’ . وبين أن ’المالكي وجه خلال الاجتماع بضرورة أن تكون المعلومة الاستخبارية هي الفاعلة خلال المرحلة المقبلة بهدف ملاحقة الجماعات المسلحة’ . وكان مسلحون مجهولون فجروا الجمعة عبوات ناسفة في مناطق الغدير والخضراء واليرموك والدورة من بغداد استهدفت منازل 14 عائلة مسيحية وتسببت بمقتل شخصين وإصابة 14 آخرين بجروح مختلفة حسب إحصائيات أمنية .
ووقعت الهجمات في مناطق متفرقة في وسط وجنوب وغرب بغداد، وفقا لمصادر في الشرطة.
الاعتداءات وقعت في غضون اقل من ساعتين في ستة من احياء في بغداد، استهدفت جميعها ابناء الطائفة المسيحية الذين سبق ان تعرضوا مرارا خلال السنتين الماضيتين لهجمات.
ووقع الاعتداء الاكثر دموية في حي الغدير حيث انفجرت عبوة ناسفة قرابة الساعة 20,00 ما اسفر عن مقتل مسيحيين اثنين واصابة ثلاثة اشخاص بجروح، احدهم مسيحي، كما اوضح المسؤول لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه.
اما الاعتداءات الخمسة الباقية، وجميعها بواسطة عبوات ناسفة، فلم تخلف قتلى الا انها اسفرت عن اصابة تسعة مسيحيين بجروح، بحسب المصدر نفسه.
وفي جنوب بغداد، اصيب ثلاثة مسيحيين بجروح في هجوم استهدفهم في حي الدورة (جنوب) بينما جرح مسيحيان آخران في انفجار قنبلة استهدفت منزلهما في السيدية (جنوب).
ولم تتبن اي جهة الهجمات، لكن بعضها يحمل بصمات فرع القاعدة في العراق الذي استهدف في الاشهر الماضية المسيحيين في مناطق متفرقة.
وكانت كنيسة النجاة شهدت في 31 تشرين الاولمجزرة ارتكبها مسلحون من تنظيم القاعدة اثناء القداس ما اسفر عن مقتل 44 مصليا وكاهنين.والهجمات ليست الاولى التي تتعرض لمنازل المسيحيين في بغداد.
فبعد الهجوم على كنيسة سيدة النجاة بعشرة ايام استهدفت سلسلة تفجيرات منازل مسيحيين في بغداد موقعة ستة قتلى و33 جريحا وعززت احساسهم العميق بعدم الامان.
وحمل ممثلون عن المسيحيين الجهات الامنية ومسؤولين حكوميين مسؤولية الهجمات.
من جهته، قال سعد سرياب حنا احد كهنة كنيسة القديس يوسف في الكرادة ان ’الغرض من هذه الهجمات تهديد المسيحيين وارغامهم على الهرب من العراق لاخلاء البلاد منهم لتكون من طائفة واحدة’.
وتابع ’هذه حملة يقودها سياسيون عراقيون في الحكومة يستغلون الجماعات الضعيفة لتحقيق اهدافهم (...) فالهجمات استهدفت المسيحيين الذين يختبؤون في منازلهم خائفين لايعرفون ماذا سيحل بهم’.
ونددت الولايات المتحدة الجمعة بموجة الاعتداءات المنسقة الجديدة ضد المسيحيين في بغداد، داعية الحكومة العراقية الى مضاعفة الجهود لحماية هذه الطائفة بشكل افضل.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر في بيان ’اننا نندد باعمال العنف المرتكبة الليلة الماضية ضد مسيحيين من جانب ارهابيين في العراق’.
واضاف ان الولايات المتحدة تطلب ’مضاعفة الجهود لحماية المسيحيين وردع الارهابيين الذين يقفون وراء هذه الاعمال’.
وبعد مجزرة سيدة النجاة قامت السلطات بفرض اجراءات امنية مشددة لحماية الكنائس عبر وضع جدران اسمنتية عالية حولها بينما الغت الكنائس الاحتفالات بعيد الميلاد في جميع انحاء البلاد واختصارها بقداس حزنا على ضحايا المجزرة.
ومنذ 2004، تعرضت حوالى 52 كنيسة وديرا لهجمات بالمتفجرات كما لقي حوالى الف مسيحي مصرعهم فضلا عن اعمال خطف طالت المئات لطلب فدية.
وكان عدد المسيحيين في موئلهم التاريخي يتراوح بين 800 الف ومليون ومئتي الف قبل الاجتياح الاميركي ربيع العام 2003، وفقا لتقديرات مصادر كنسية ومراكز ابحاث عالمية.
ولم يبق منهم سوى اقل من نصف مليون نسمة اثر مغادرة مئات الالاف منهم، كما انتقل بضعة الاف الى مناطق آمنة في شمال البلاد مثل سهل نينوى واقليم كردستان.
ويشكل الكلدان الطائفة الاكبر عددا يليها السريان، اورثوذكس وكاثوليك، والاشوريين.
وفي مهد المسيحية في الشرق الاوسط، يعيش 20 مليونا بينهم خمسة ملايين كاثوليكي من اجمالي عدد سكان المنطقة البالغ 356 مليون نسمة حسب الارقام التي اعلنت خلال سينودس الاساقفة الكاثوليك الذي عقد في تشرين الاول/اكتوبر في الفاتيكان.
وتدفع النزاعات وعدم الاستقرار السياسي والصعوبات الاقتصادية والتمييز والاضطهاد او تصاعد النزعة الاسلامية المتشددة الكثير منهم إلى الرحيل