الكاتب : حازم خضر

يطرح قرار الإدارة الأمريكية إرسال سفير جديد الى دمشق بعد غياب أمتد خمس سنوات كثيرا من الأسئلة تتجاوز كونه يلبي المطالب السورية بضرورة إرسال السفير كبادرة مهمة لتفعيل الحوار بين البلدين وإعطائه الجدية اللازمة خصوصا وان الحوار يتناول قضايا تهم الأمريكيين ،كما السوريين، في ملفات لبنان / المحكمة الدولية ، والعراق وعملية التسوية المشلولة لـ ’ضعف ’ الراعي الامريكي وغياب الشريك الإسرائيلي .

تريح الخطوة الأمريكية المتأخرة جدا القيادة السورية وتعطيها نقاطا إضافية لجهة استعادة دورها الإقليمي الذي يبدو أنه ماضي في تحقيق ألقه السابق لاغتيال الحريري، وربما بمفاعيل أكثر قوة وخطورة مع ما يتم تسريبه عن نضوج اتفاق سوري ـ سعودي لنزع فتيل التوتر المتصل بالمحكمة الدولية .

لكن يبدو من السذاجة الركون الى تلك التحليلات السطحية لدى تناول إعادة السفير إلى دمشق . ثمة أهداف أمريكية بالغة الأهمية لا يجوز القفز من فوقها لدى النظر الى تحدي أوباما، الرئيس الضعيف ، للكونغرس وإرسال السفير من وراءه ما يجعل من قراءة الخطوة في إطار المكاسب السورية الصرفة لا يكفي للتعاطي مع القرار المفاجئ.

تريد واشنطن البحث في تفاصيل ما بعد صدور القرار الظني في اغتيال الحريري، إن كان سيصدر أصلا ، أو في مفاعيل أي تسوية مقبلة للملف على اعتبار أن أي حل أو تصعيد في قضية تبرئة أو اتهام حزب الله يعني سورية بصورة مباشرة التي لا تستطيع تجاهل المس بالمقاومة بأي صورة كانت ومن أي جهة جاء ذلك المس.

وتاليا لا يمكن لواشنطن التعاطي مع المرحلة القادمة في هذا الجانب دون المرور عبر دمشق بعيدا عن صيغ إرسال المبعوثين الذين لم يقدموا كثيرا في واقع الأمر لقضية المحكمة الدولية.

ضغط المحكمة الدولية وقرب حدوث تطورات كبيرة في الملف عجل من قرار الرئيس أوباما بإرسال السفير بعيدا عن بيروقراطية وحسابات الكونغرس المعارض بأغلبيته.

واقتراب موعد الانسحاب الأمريكي من العراق المقرر نهاية العام الجاري يجعل من التنسيق مع جميع القوى الإقليمية المعنية والفاعلة في العراق وأبرزها سورية خطوة ضرورية دعما لتحقيق انسحاب آمن من جانب وللحفاظ على أوضاع تحد من الخسائر الأمريكية السياسية والبشرية في ذلك البلد . والتجربة الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش أثمرت نتائج مهمة يعترف الأمريكيون بها رغم التوتر الشديد في علاقات البلدين في تلك الفترة بل وتهديد صقور المحافظين بان سورية ستكون هدف قواتهم بعد العراق. إرسال السفير، وفق هذا الفهم ، يعيد ذلك التعاون الى ما كان عليه خصوصا بعد أن أثبتت التطورات السياسية الأخيرة وجود دور سوري في العراق لا يمكن القفز من فوقه رغم كل ما قيل عن تقاسم إيران والولايات السيطرة على العراق.

ورغم ضعف التعويل على إطلاق المفاوضات على المسار السوري ـ الإسرائيلي في المرحلة القادمة إلا أن الملف يبقى مهيئا لاستقبال أي مفاجآت . وأكثر من ذلك تتعاطى الرؤية الأمريكية مع عملية التسوية من جانبين الأول وجود أراض سورية محتلة ’ الجولان ’ ما يجعل سورية طرفا في أي مفاوضات مقبلة لاستعادة أراضيها ، والثاني دعم سورية واحتضانها للفصائل المقاومة ’ حماس ’ و’ الجهاد الإسلامي ’ ..وعلاقتها الإستراتيجية مع إيران .

كل تلك المعطيات تجعل من قرار إعادة السفير الأمريكي الى دمشق مصلحة لواشنطن أيضا مع دخولنا عام لا بد من حسم كثير من الملفات فيه .