الكاتب : جورج حاجوج

ما يقارب العام تقريباً استغرقت عملية تعيين السفير الأمريكي روبرت فورد في دمشق، وبعد غياب منصب السفير الأمريكي عن سفارة واشنطن في دمشق مدة تقارب من ست سنوات تقريباً.. في "غفلة" من الجمهوريين وخلال عطلة الكونغرس، فعلها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأصدر مرسومه بتعيين السفير في دمشق!.

البعض يعتبرها خطوة لا بد أن تدفع بالعلاقات الأمريكية السورية نحو الأمام من جهة أولى، ومن جهة ثانية هي خطوة تريح دمشق التي لم تكن مرتاحة للتحولات التي كانت تقرؤها في سياسة واشنطن تجاهها والتي تراوحت ما بين انفتاح وإعادة صياغة للعلاقة مطلع صعود أوباما سدة الرئاسة، وما بين "أفق شبه مسدود" ظهر في العام 2010 نتيجة "التمهل والبطء والحذر" الأمريكي في تكريس سياسة الانفتاح، ما يعني تحولاً في السياسة الأمريكية وبصرف النظر عما إذا كان بسبب ضغط الجمهوريين أم بسبب ارتباك وهشاشة الإدارة الأمريكية وعدم قدرتها على إقناع خصومها بنهجها الجديد.

في المقابل، فإن البعض الآخر يطرح الكثير من التساؤلات حول المدة الزمنية التي استغرقتها عملية تعيين السفير، والطريقة التي عُين بها "الخطف خلسة وانتهاز الفرصة" لأن هذا من شأنه أن يعزز من مشروعية أكثر من سؤال عمّا يمكن أن يفعله سفير عُيِّن من خلال اقتناص لحظة "فراغ أو إجازة إن صحت التسمية" في عمل الكونغرس الأمريكي الذي لم يكن ليمرر الجمهوريون فيه قرار الرئيس الأمريكي فيما لو كان القرار قد صدر في يوم "دوام رسمي"!!.

هل هي "لعبة أو اتفاقية" غير معلنة بين الكونغرس "الجمهوريين على وجه التحديد" والرئيس باراك أوباما، لتمرير إصدار المرسوم في عطلة الكونغرس حفاظاً على ماء وجه الجمهوريين المعارضين بشدة مسألة تعيين سفير أمريكي في دمشق انطلاقاً من أن هذا التعيين وحسب ما يرى الجمهوريون تنازلاً أمريكياً لدمشق لا مسوغات ولا مبررات كافية لتقديمه؟!.

سواء أكانت المسألة مسألة اقتناص اللحظة من قبل الرئيس أوباما، أم كانت "اتفاقاً" مسبقاً بينه وبين الجمهوريين للخروج من المأزق، مع ملاحظة أن الجمهوريين أنفسهم يعرفون القوانين والأنظمة والتشريعات الأمريكية ومن ضمنها صلاحيات الرئيس، وهذا يعني أنهم يعرفون أن الرئيس أوباما يستطيع وببساطة أن يفعلها ـ وبالقانون ومن ضمن ما تتيح له صلاحياته ـ و"يسرق اللحظة أثناء العطلة" ويمضي فيما هو عازم على تنفيذه في هذا الاتجاه.. في الحالتين فإن واقع الحال يقول إن هناك سفيراً أمريكياً في دمشق اليوم، وهذه نقطة إيجابية تُسجل تجاه النوايا الأمريكية المشكوك بأمرها على الدوام.

لكن السؤال الأهم: ما الذي يمكن أن يفعله السفير الأمريكي فيما لو أراد أن يفعل شيئاً، إذا ما كان الجمهوريون غير راضين عن وجوده في دمشق أو في غيرها من العواصم؟!.. المؤكد أن مساحات التعطيل التي يمكن أن يمارسوا من خلالها اعتراضهم وعرقلتهم تبدو واسعة ورحبة، لطالما أنهم استطاعوا ـ ويستطيعوا ـ أن يضغطوا ويعطلوا ويعرقلوا قرارات ومراسيم للرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه!.. إذا كيف سيكون عليه الحال مع سفير تم تعيينه بغير رغبتهم وبغير إرادتهم وفي غفلة منهم؟!..

من الطبيعي أن آلية تعيين السفير وطريقتها والصورة التي ظهرت بها، بالتزامن مع رفض الجمهوريين على مدى ما يقارب السنة، من شأنها أن تطرح وتثير مثل هذه الشكوك تجاه "سفير الغفلة".. والأيام المقبلة كفيلة بتأكيد هذه الشكوك أو نفيها!.