شككت الوقائع السياسية والأمنية في السودان، في الرعاية الاميركية المباشرة للاستفتاء الذي بدأ أمس في الجنوب لاستيلاد دولة جديدة لنحو ربع السودانيين، والذي خرج الرئيس باراك اوباما وكبار مسؤولي إدارته للاحتفاء به باعتباره حدثا تاريخيا، برغم اضطرابات جرت في منطقة أبيي القبلية ومواجهات مع متمردين جنوبيين على ’دولة’ الانفصال في ولاية الوحدة، أدت إلى سقوط نحو 12 قتيلا، فيما اتجهت الانظار مجددا الى الشمال السوداني، والى الخرطوم تحديدا، حيث شهرت واشنطن في وجه الرئيس السوداني عمر البشير سيف منطقة أخرى مرشحة للانفصال هي إقليم دارفور الغربي الذي يحظى أيضا باهتمام استثنائي خاص.
وفيما كان اوباما يحدد في مقال لصحيفة «نيويورك تايمز» جدول الأعمال السوداني المقبل، أحاط السيناتور الأميركي جون كيري، ومبعوث واشنطن الخاص سكوت غرايشن، كما الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، والممثل جورج كلوني، برئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير، عند إعطائه إشارة الانطلاق للاستفتاء على انفصال الجنوب عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي صباح امس في مركز اقتراع يقع إلى جانب ضريح الزعيم التاريخي للحركة الشعبية لتحرير السودان، الحاكمة في جوبا عاصمة الجنوب، جون غارانغ.
وقال كير، وهو يرفع إصبعه وعليها علامة الحبر بعد الاقتراع ’انها اللحظة التاريخية التي طالما انتظرها شعب جنوب السودان’، مضيفا ’أقول للدكتور جون (غارانغ) ولكل الذين قتلوا معه، ان جهودهم لم تذهب سدى. وأود أن أناشد كل شعب جنوب السودان التحلي بالصبر في حالة عدم تمكن أي شخص من الادلاء بصوته اليوم (الاحد).
لديكم أيام كثيرة تستطيعون أن تدلوا فيها بأصواتكم’، طوال مدة الاستفتاء التي تستغرق أسبوعا كاملا.
عين واشنطن - وأكثر - بقيت ساهرة على صناديق الاقتراع، لضمان انجاز استفتاء انفصال الجنوب، لكنها حرصت على تذكير الخرطوم، بأن موعد المكافأة الاميركية الكاملة على الرضوخ للتقسيم لم يحن بعد.
وشدّد اوباما على أن العالم يراقب (السودان) الآن، موحدا في تصميمه على ضمان ان تكون كافة الاطراف السودانية على مستوى التزاماتها.
ووجه اوباما رسالة واضحة إلى الرئيس البشير، قائلا إنه ’في دارفور أيضا، العالم يراقب. وعلى حكومة السودان أن تفي بالتزاماتها. على الهجمات ضد المدنيين ان تتوقف، ويحب أن تتمكن قوات الامم المتحدة ومنظمات المساعدة من الوصول إلى المحتاجين’. مؤكداً أن بلاده لن تتخلى عن شعب دارفور، مضيفا ’أكرر عرضي لقادة السودان، إذا وفيتم بالتزاماتكم واخترتم السلام، فهناك طريق نحو العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك رفع العقوبات الاقتصادية، وإطلاق عملية سحب السودان من لائحة الدول الراعية للارهاب. في المقابل، هؤلاء الذين يتجاهلون التزاماتهم الدولية، سيواجهون مزيدا من الضغوط والعزلة.
يذكر أن عدد الجنوبيين المطلوب تصويتهم للاعتراف بنتيجة الاستفتاء يقدر بمليونين وثلاثمئة وثمانية وخمسين ألف شخص، فيما يكفي تصويت مليون ومئة وثمانين ألفاً لخيار الانفصال، حتى تصبح ولادة الدولة الجنوبية أمراً نافذاً