الكاتب : حسان عبه جي
قراءة المعادلة السورية - السعودية هي التي يمكن أن تجعلنا ندرك عمق التحول في المنطقة، فقبل سنوات كانت تكفي مكالمة ين دمشق والرياض للتعامل مع الوضع الإقليمي، بينما يبدو اليوم أن تلك المعادلة التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري غير قادرة على الحد من الاختراق الدولي عن صح التعبير، فلا واشنطن ولا باريس مستعدتان للتعامل مع المنطقة على أساس "الحلول الإقليمية"، فهناك على ما يبدو غياب للتفاهمات القديمة التي كانت تجمع الشرق الأوسط مع أوروبا والولايات المتحدة، وهناك من جانب آخر عدم تحديد في مسار الشرق الأوسط لمرحلة ما بعد "بريق أوباما".
وبالتأكيد لن تضع الولايات المتحدة ثقلها السابق في الأزمة الحالية، فهي تنتظر "الانفجار الذاتي" إن صح التعبير، وهي تراهن على جملة من الأحداث التي تبدو على السطح لكنها يمكن أن تغير من التوازنات، ويبدو ما حدث في "س - س" مقدمة لهذه الأحداث فهل يمكن أن يترتب عن هذا الفشل تداعيات على المستوى الإقليمية أو مواقف البلدين تجاه الأزمات؟
الجواب جاء من خلال "مصادر مطلعة" في الصحف العربية بأن هذا الأمر لن يؤثر على العلاقات بين البلدين، وبالتأكيد فهو لن يشكل مقدمة لتأزم مثل ما حصل قبل خمسة أعوام، لكنه على المستوى الإقليمي سيشكل "كابحا" للدولتين للدخول مرة أخرى في "احتواء الأزمات"، لأن أي إخفاق جديد ربما سيفقد الأدوار الإقليمية على الأقل صورتها، وسيجعل هذه الأطراف تشبه "الجانب المصري" في سعيه للمصالحة ين السلطة وحماس.
ويبدو أن الولايات المتحدة أرادت نوعا من تأطير تلك الأدوار، لكن المشكل الأساسية أن الرياض ودمشق معنيتان لبنان لاعتبارين مختلفين، فبالنسبة للسعودية فإن الوضع في لبنان مرتبط إلى حد كبير بقدرتها على مجاراة أدوار أخرى تقوم بها تركيا والأردن، أما سورية فإن "أمنها" متعلق أيضا بالتطورات اللبنانية وعلى الأخص بالحفاظ على توازن يمنع "إسرائيل" من التدخل بالشؤون اللبنانية.
من جانب آخر فإن تجربة "اتفاق الدوحة" تحمل معها ملامح للقدرة على ترتيب التهدئة أكثر من التوصل إلى اتفاقيات، وهذا الأمر طبيعي بعد ان أصبحت المحكمة الدولية شأنا مرتبطا برغبة أمريكية أو فرنسية وليس أي طرف إقليمي، فتدويل اغتيال الحريري الذي كان من المفترض أن "يحد" الحركة السورية ارتد على الجميع وأصبحت الرياض في موقف مختلف تماما عما كانت عليه قبل أن يقرر مجلس الوزراء اللبنان احضار هيئات دولية كي "تحكمه".
معادلة س-س أصبحت مستحيلة ليس لأن الإرادة السعودية أو السورية غير قادرة على التعامل مع الفرقاء اللبنانيين بل لأن هناك طرف دولي جديد يرى المسألة من منظور مختلف، وهو في النهاية يسعى لرؤية ما يمكن أن يحدثه التصعيد السياسي بعد أن جرب التدخل المباشر ولم يستطع تبديل المعادلة اللبنانية.