الكاتب : حازم خضر

تكشف زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الثانية إلى منطقة الخليج العربي خلال أقل من ثمانية أسابيع قلقا أمريكيا بالغ الوضوح من ’تراخ ’ تبديه العديد من العواصم الخليجية تجاه محاولة فرض الحصار الاقتصادي على طهران . وأكثر من ذلك بدا في المشهد السياسي مخاوف أمريكية بفشل الخطط من أجل إحكام الحصار في ظل مواقف خليجية عديدة أكدت رفضها لاستخدام القوة ضد إيران من جانب وإبرام دول مثل قطر والكويت وعمان مشاريع ضخمة في مجالات التبادل التجاري والتعاون الاستثماري فضلا عن التنسيق في موضوع تسعير النفط والغاز مع الجار الإيراني.

تلك المعطيات شكلت هاجسا لدى الأمريكيين خصوصا وأن الخيار العسكري ضد إيران لوقف برنامجها النووي بات أكثر بعدا مع تصريحات واضحة من قادة عسكريين وإسرائيليين تستبعد ذلك الخيار لأسباب موضوعية تجعل من أي هجوم على إيران محكوم بالفشل ، كما قال رئيس الموساد السابق مئير داغان. والانعكاسات ستكون سلبية جدا على الخليج العربي بذاته وعلى مهاجمة إسرائيل عبر إيران أو عبر حلفائها : حزب الله وحركة حماس وأخيرا لأن إيران ستواصل مشروعها بعزيمة أكبر.

وفق ذلك المعطى يصبح إعطاء الزخم لإجراءات أخرى من قبيل : الضغط الاقتصادي واللعب بالأمن الإيراني عبر اغتيال العلماء ومحاولة تشجيع المعارضين والحرب الإعلامية سبل بديلة تجهد واشنطن لتكثيفها وصولا لكبح التقدم الإيراني بل وإرباك النظام الحالي عبر خلق تمللك شعبي عريض على الأوضاع الاقتصادية ما يربك الحكومة ويخلق أزمة داخلية خانقة في إيران.

طرحت كلينتون هواجس بلادها من الموقف من إيران وعرضت تحالفات وشراكات طويلة الأمد لطمأنة مستضيفها القلقين من مواجهة كارثية يزجون بها بالتوازي مع الحديث عن تقدم الصفقة المتعلقة ببيع الرياض صفقة سلاح عملاقة تقدر قيمتها بنحو 60 مليار دولار عمودها الفقري طائرات وأنظمة دفاع جوي متقدمة جدا.

لكن، ورغم ذلك الدخول الأمريكي رفيع المستوى ، لا يصعب الاستنتاج بفشل مهمة كلينتون أو على الأقل عدم تحقيقها المطلوب، لأسباب طالما رددتها العواصم الخليجية وتنطلق من سعي تلك الدول للحفاظ على حالة الاستقرار والابتعاد عن أي مواجهات عسكرية مع إيران القادرة على نقل الدمار إلى كل مكان تتواجد فيه قوات أمريكية في المحيط الجغرافي وخصوصا في قطر والكويت وشرق السعودية ، كما أن قدرتها على إغلاق مضيق ’ هرمز ’ اختبرت مرارا خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية ، وأخيرا لإدراك بعض دول الخليج أن المعركة مع إيران ليست معركتها ولا تفيدها بشيء حتى لو صدقت الاتهامات الأمريكية بسعي طهران لامتلاك السلاح القنبلة النووية . وليس أدل على ذلك من الموقف القطري المتقدم جدا في فهمه لأهمية العلاقات الخليجية الإيرانية رغم عمق علاقات الدوحة بواشنطن.

الأمريكيون لم يكونوا بعيدين عن تلك المواقف المعلنة ومنذ أمد بعيد ، بل وربما هناك تفهم لها يستند إلى أن أي موقف يخالفها يعني المغامرة وهي أبعد ما تكون عن السياسات الخليجية المتأنية جدا والمحسوبة وخصوصا في مجال الحفاظ على الأمن.