الكاتب : ظافر الجنابي

جاءت وزيرة الخارجية الامريكية الى المنطقة , وفي جعبتها الكثير من الطلبات , لما تريد واشنطن من دول المنطقة ان تفعله , ومالاتريد ان تفعله , ومن تريد ان تقاطعه , ومن تريد ان تدعمه .

فايران ينبغي ان تحاصر وتقاطع , وفي نفس الوقت ينبغي على القادة العرب ان يدعموا حكومة بغداد الجديدة , وان يفتحوا لها احضانهم , ويستقبلوا قادتها بالود والترحاب , كما ينبغي على اليمن ان يبذل المزيد من الجهود في محاربة تنظيم القاعدة اليمني الذي بدأ يشكل الخطر الاكبر على امريكا من بين فروع القاعدة المختلفة .

ولكن على كلينتون ان تسال نفسها في المقابل , ماذا تستطيع واشنطن ان تقدم للعرب؟ , او ماذا ينبغي ان تقدم؟ , وهي التي نكلت عن الالتزام بابسط تعهداتها تجاه التوصل الى حل عادل للقضية الفلسطينية , وهي المستعدة دائما للتخلي عن ابسط قواعد العدالة والانصاف والشرف , حين يتعلق الامر بما لاترضى عنه اسرائيل .

ورغم ذلك , وجدت كلينتون نفسها في موضع من يستطيع ان يلقي المواعظ والارشادات على القادة العرب , فقد حذرت كلينتون، الحكام العرب من أنهم بحاجة لمكافحة الفساد وضخ حياة جديدة في أنظمتهم السياسية الراكدة وإلا جازفوا بخسارة المستقبل للمتطرفين والإرهابيين.

ولعل كلينتون تشير بذلك , الى احداث تونس , ولكنها نسيت او تناست ان حلفاء واشنطن هم الاكثر فسادا في العالم العربي , وان النظام التونسي كان حليفا مقربا لواشنطن , كما ان كلينتون نسيت ان واشنطن غضت بصرها عن احداث تونس والتزمت الصمت كما فعلت باريس , حتى انهيار نظام بن علي .

القادة العرب من جهتهم , لازالوا على عهد واشنطن بهم , يسارعون في مرضاتها , ويبذلون في ذلك الغالي والنفيس , وهم مستعدون للمضي بعيدا في هذا الشوط , سواءا أكان في هذا مصلحة شعوبهم ام لا , فهم مستعدون للمضي بعيدا في محاربة المشروع النووي الايراني , رغم ان هذا المشروع غير موجه للعرب , بل هو موجه نحو اعدائهم , ولكنهم في ذات الوقت مستعدون لاتخاذ اكثر المواقف ’اعتدالا’ في وجه حكومة اسرائيلية تتخذ اكثر المواقف تطرفا .

ولكن ماينبغي على الحكام العرب ان يعرفوه ويفهموه جيدا , هو ان لااحد سيجيرهم من غضبة شعوبهم ان غضبت , وان الشعوب كما تطلب خبزا وامنا وعدلا , فانها تطلب الحفاظ على كرامتها الجمعية , وان هذه الكرامة ستبقى مجروحة مادامت الانظمة مستمرة في فشلها الذريع في الاستجابة للتحديات التي تواجه الامة .