استمرت قناة الجزيرة القطرية في بث وثائق المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي تم تسريبها حول ملف اللاجئين، وكشفت الوثائق التي بثت أمس عرض الجانب الفلسطيني عودة عشرة آلاف لاجئ فلسطيني سنويا الى منطقة 48 على مدى عشرة اعوام، فيما كان رد رئيسة وزراء اسرائيل على ذلك بانه لا يمكن الوعد بعودة احد، وفي وقت لاحق اكدت في ’الجيروزاليم بوست’ ان ’العدد الذي يمكنه العودة هو صفر’.

وكشفت الوثائق عدم تركيز المفاوض الفلسطيني على هذه القضية الحساسة، سواء من حيث عدم الضغط بالمفاوضات لعودة اللاجئين لديارهم او من حيث تحميل اسرائيل المسؤولية الاخلاقية بقضيتهم، كما يظهر ذلك بنوايا حرمانهم من المشاركة باي استفتاء على نتيجة المفاوضات.

وتقول رسالة الكترونية داخلية ارسلها المفاوض الفلسطيني السابق زياد كالوت إلى ريما صالحي في 23 تموز2008 ’(الرئيس الفلسطيني) محمود عباس قدم عرضا متدنيا جدا لعدد العائدين الى اسرائيل، بعد مضي اسابيع قليلة على بداية العملية التفاوضية’، حيث كان يشير إلى ورقة تضع تصور الجانب الفلسطيني للحل النهائي تمت صياغته عام 2007، وتنص على السماح بعودة 10 الاف لاجئ سنويا لمدة عشرة اعوام قابلة للتجديد، بموافقة الطرفين.

أما رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت فكان عرض في 31 آب 2008 عودة 1000 لاجئ سنويا ولمدة خمسة اعوام على اسس ’انسانية’، بالاضافة الى استمرار برنامج لم الشمل.

الا ان صائب عريقات وفي أحد اللقاءات قال لليفني ان أولمرت وافق على عودة 1000 لاجئ سنويا على مدى عشر سنوات، فردت ليفني بالقول ’إن هذا العرض كان يمثل موقف أولمرت الشخصي’، واضافت ’لا أريد أن أخدع أحدا، ليس هناك مسؤول في إسرائيل، سواء في الكنيست أو في الحكومة أو حتى في الرأي العام يمكن أن يدعم عودة اللاجئين إلى إسرائيل’.

وبالنسبة لرؤية المفاوض الفلسطيني لكيفية حل ازمة اللاجئين، فإن الوثائق تظهر ان تصور السلطة يقوم على استيعابهم في الضفة والقطاع، وهو ما يعبر عنه صائب عريقات في اجتماع مع الاسرائيليين في 8 نيسان 2008، حيث يقول ’لقد ذكرت سابقا بان اقامة الدولة الفلسطينية تشكل إجابة لقضية خمسة ملايين لاجئ فلسطيني وهذا الامر لا يعني انه يتوجب عليكم ان تقلصوا حجم هذه الدولة’.

وقال عريقات في أحد اللقاءات التفاوضية: ’على الفلسطينيين أن يعلموا بأن خمسة ملايين فلسطيني لن يعودوا.. وهناك عدد للعودة إلى دولتهم (الفلسطينية) على أن يعتمد ذلك على قدرة الاستيعاب السنوية’.

ويقول عريقات في اجتماع مع كاريل دي غيشت في 23 آذار2007: ’ لم أقل أبدا أن فلسطينيي الشتات سيدلون بأصواتهم. ذلك لن يحدث. فالاستفتاء سيكون للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. لن نستطيع إجراءه في لبنان. كما لن نستطيع إجراءه في الأردن’.

وتظهر الوثائق سعي الجانب الاسرائيلي الى التحرر من ’المسؤولية الاخلاقية’ الناجمة عن تشريد ملايين الفلسطينيين من ديارهم وما قد ينتج عن ذلك من مطالبة بتعويضات، وهو ما تقوله تسيبي ليفني لاحمد قريع وفق وثيقة تتحدث عن اجتماع عقد في 24 آذار 2008: تعويض اللاجئين مسألة دولية، وتبين الوثائق السرية تأييد الادارة الامريكية لموقف ’اسرائيل’، حيث قالت كوندوليزا رايس في 16 تموز 2008 ’اذا كنتم تريدون الحديث عن المسؤولية فانها مسؤولية المجتمع الدولي وليس ’اسرائيل’، فالمجتمع الدولي هو من اوجد اسرائيل’.

وتلمح رايس إلى إمكانية إرسال اللاجئين إلى دول أخرى قائلة ’ربما بإمكاننا أن نجد دولا تساهم عينيا. تشيلي، الأرجنتين، إلى آخره’.

وفي الوقت الذي شككت فيه القيادة الفلسطينية في صحة هذه الوثائق، أكدت حركة حماس أن الوثائق تكشف ’تواطؤ’ السلطة مع ’إسرائيل’ لتصفية القضية.

ومن جهته هاجم ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يوم أمس قناة ’الجزيرة’، واتهمها وقطر بـ’النصب’، وكشف أن هذه الوثائق جرى تهريبها من وحدة المفاوضات في المنظمة من شخص تمت معرفته.

وقال عبد ربه في تصريحات للإذاعة الفلسطينية في تعليقه على الوثائق بأنها وثائق ’ليست سرية’، لافتاً إلى أن السلطة الفلسطينية كانت قد وزعت الخرائط ’على كل أركان الأرض’.

وبحسب عبد ربه كل اقتباسات الجزيرة من هذه الأوراق هي ’اقتباسات مجزوءة أخذ منها نصف الجملة أو كلمات خارج سياقها على طريقة لا تقربوا الصلاة’.

وفي إسرائيل، نفى مدير الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع عاموس جلعاد أن يكون عباس قد أبلغ في العام 2008 بشن إسرائيل هجوما على غزة، نافياً بذلك ما أوردته المحطة التلفزيونية نقلا عن وثيقة سرية.
أما وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان فرأى أن الوثائق المسربة تؤكد على ضرورة التوصل إلى اتفاق مرحلي مع الفلسطينيين بدلا من اتفاق نهائي.

وهب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري إلى نجدة السلطة الفلسطينية في خضم الانتقادات. وقال في بيان ’استطيع أن اشهد شخصيا على التزام القيادة الفلسطينية بالحصول على الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني والحفاظ على مصالحه بناء على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة’.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الإدارة الأميركية ’تدرس هذه الوثائق الفلسطينية المفترضة التي بثتها الجزيرة. لا يمكننا تأكيد صحتها’.