نقلت وكالة أنباء أسوشيتد برس عن مسؤول أمريكي رفض الكشف عن اسمه أن الحكومة الامريكية ترى أن على الرئيس المصري إلغاء حالة الطوارىء المفروضة منذ ثلاثة عقود وعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة والتخلي عن أي طموح للبقاء في السلطة.
وتقول الأوساط الرسمية الامريكية إن واشنطن لن تعلن عن هذا الموقف بشكل علني كي لا تتسبب بمزيد من التدهور في الاوضاع الداخلية في مصر وسط مؤشرات متزايدة عن قرب انهيار حكم مبارك.
وتواجه الإدارة الأمريكية وضعا بالغ التعقيد فهي حائرة ما بين تأييد القوى التي تدعو إلى اصلاح ديمقراطي في مصر ونظام حكم موال لها على مدى ثلاثة عقود من الزمن وخاصة فيما يخص ملف الصراع العربي الاسرائيلي ومحاربة الارهاب.
وتتحاشى الأوساط الحكومة الامريكية الحديث عن مستقبل مبارك ويكتفون بالقول إن الانتخابات المقبلة يجب ان تكون مفتوحة حرة ونزيهة.
فقد صرح الناطق باسم البيت الابيض روبرت جيبس أن واشنطن لا تقرر من يجب ان يكون المرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة واضاف ’لا اعتقد ان اي شعب يطمح للتغيير ويتوق الى الحرية يمكن ان يقبل ان يقرر الاخرون من ينتخب والتغييرات التي يجب ان يسمح بها’.
وتواجه واشنطن مهمة صعبة في رسم معالم خطة تمهد لإقامة حكم اكثر تمثيلا في مصر.
ومن بين الخيارات التي تتضمها هذه الخطة ازاحة مبارك جانبا لصالح نائبة المعين حديثا عمر سليمان او اعلان مبارك عن عدم نيته الترشح لولاية رئاسية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقررة في أيلول المقبل.
ولا تزال واشنطن تدرس كافة السيناريوهات المحتملة اذ ان يرجح ان تشهد مصر تطورات درامية خلال الايام القليلة المقبلة وخاصة اذا نزل الملايين الى الشوارع الثلاثاء وهو امر مرجح بعد اعلان الجيش عن وقوفه الى جانب ’المطالب المشروعة’ للمتظاهرين وتأكيده على رفض استخدام العنف ضد المتظاهرين.
وسارعت واشنطن الى ايفاد سفير امريكي سابق في مصر الى القاهرة للوقوف عن كثب على سير الاحداث هناك وبغية الضغط على المسؤولين المصريين لاجراء اصلاحات ديمقراطية.
في المقابل، لم يتأخر النظام هذه المرة في تقديم تنازل جديد، حيث أدلى عمر سليمان الذي كان يقضي يومه الثالث نائبا لرئيس الجمهورية، ببيان مقتضب قال فيه إن الرئيس مبارك كلفه بإجراء اتصالات مع القوى السياسية لبدء حوار معها بشأن الإصلاحات السياسية والدستورية ووضع توقيت محدد لذلك.
وتعهد سليمان بأن يصدر بيان الحكومة بعد أيام قليلة، متضمنا إجراءات واضحة ضد الفساد، كما تعهد بأن يتم تنفيذ قرارات محكمة النقض بشأن الطعون المقدمة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، على أن تجرى انتخابات جديدة في الدوائر المطعون فيها خلال الأسابيع المقبلة.
ورغم أن المصريين لم يتعودوا على استجابة النظام لمطالبهم أو نزوله عند رغبتهم، فإن هذه الاستجابة على سرعتها لم تنل رضا الكثيرين الذين اعتبرها بعضهم غير كافية في حين سخر منها آخرون وقالوا إنها جاءت بعد فوات الأوان.
أما الإعلام الرسمي فتحول في الساعات الأخيرة إلى التعبير عن حالة من الهلع تجاه المسيرات المليونية المقررة الثلاثاء، وأصبحت لهجة المذيعين والمتحدثين أقرب إلى استجداء الموطنين بعدم المشاركة، مع تلويح بمخاوف من جهات مندسة ’وعناصر أجنبية’ قيل إنها دخلت إلى مصر بهدف استغلال الاحتجاجات لإشعال فتنة بين الشعب والجيش.
ومع انتصاف ليل القاهرة بدا أن الاقتناع بحتمية التغيير بدأ يصل إلى الكثيرين، ومنهم الإعلامي عماد الدين أديب الذي سبق له إجراء حوار مطول شهير مع الرئيس مبارك، حيث ختم أديب مقابلة له مع قناة المحور الخاصة بالدعوة إلى ما وصفه بتأمين ’خروج مشرف لمبارك من مصر’.