وفي ختام الأسبوع الأول على الثورة الشعبية الأكبر في تاريخ مصر والعالم العربي، التي سجلت امس نزول الملايين من المصريين الى شوارع القاهرة والمدن الكبرى كافة، في واحدة من اهم مظاهر الاحتجاج والتغيير، اتخذ الرئيس حسني مبارك خطوة اضافية الى الوراء، لا تستجيب لمطالب الشارع الذي يناديه بالتنحي الفوري، ويلح على التغيير الجذري للنظام، لكنها تمهد لتراجعات رئاسية إضافية في ظل الصرخات التي دوت في ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية مساء رافضة عرض مبارك عدم الترشح لولاية رئاسية سادسة في الانتخابات المقررة في ايلول المقبل، واقتراحه تعديل الدستور لتوسيع فرص الترشيح للرئاسة ولائحة المرشحين التي كانت تقتصر على نجله جمال ونفر من المقربين منه.

لكن مبارك الذي قدم عرضه الجديد في كلمة متلفزة مليئة بالتحدي وبالتوكيد على انه لم يذعن لضغوط الشارع، وهو يرفض ان يسير على خطى نظيره التونسي زين العابدين بن علي، بل يريد الموت على ارض مصر بحسب تعبيره، ويكمل ولايته ودوره حتى النهاية، بدا انه يمارس واحدة من خدعه السياسية التي لجأ إليها لامتصاص الغضب الشعبي.

وبدا ان كلمة مبارك جاءت تنفيذا حرفيا لمضمون رسالة تلقاها من الرئيس الاميركي باراك اوباما، حملها مبعوثه فرانك ويزنر (المقرب من مبارك شخصيا) وأذاعت مضمونها واشنطن في ساعات الليل الاولى واكدت ان الرئيس المصري سيضمنها كلمته الى المصريين، التي اعلن البيت الابيض عن قرار توجيهها قبل ان يأتي الاعلان من التلفزيون المصري نفسه. وسبقتها تحذيرات اميركية متزايدة من احتمال غرق مصر في المزيد من الفراغ والفوضى، ما يمكن ان يؤدي بالتالي الى تقدم الاسلاميين الى الصفوف الاولى، وربما الى السلطة، وسط انباء عن ان حركة الاخوان المسلمين كانت المساهم الاكبر في الحشد المليوني امس في مختلف الشوارع المصرية، بعدما ظلت تعمل في الكواليس منذ بدء الانتفاضة الشعبية في 25 كانون الثاني الماضي.

وكان الرئيس أوباما قال أمس إنه أبلغ الرئيس المصري بوجوب أن تبدأ عملية انتقال السلطة سلميا الآن.

وأوضح أوباما في كلمته التي جاءت عقب إعلان مبارك عدم ترشحه لولاية رئاسية جديدة ومغاردته السلطة عقب انتهاء ولايته الحالية أنه تحدث معه وأن يدرك جيدا’ أن الوضع الحالي لا يمكن أن يدوم ويجب حدوث تغيير’.مشيداً بالجيش المصري ومهنيته لسماحه للجماهير بالتظاهر سلميا.

وكان مسؤول أمريكي قد صرح في وقت سابق بأن اعلان الرئيس المصري عدم ترشحه للانتخابات المقبلة هو كلام ’مهم’ لكنه قد لا يكون كافيا لتلبية مطالب المتظاهرين.

وأوضح قائلا ’ما أعلنه الرئيس المصري مهم ولكن ينبغي معرفة ما اذا كان سيرضي مطالب الناس الموجودين في ميدان التحرير’ مضيفا ’من الواضح ان هذه الحركة تصبح اقوى ولن تتوقف’.

ويرى مراقبون أن هناك إجماعاً داخل الإدارة الأمريكية على ضرورة أن ينتحي مبارك عن السلطة الآن وعدم الانتظار حتى أيلول المقبل.

كما قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي جون كيري إن على الرئيس مبارك ان يدرك ان استقرار مصر يتوقف على تنازله عن الحكم لمصلحة نظام سياسي جديد.

ودعا كيري الرئيس المصري الى الاعلان صراحة عدم نيته الترشح او ترشيح ابنه للانتخابات الرئاسية و اخراج عائلته من المعادلة السياسية.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت أن السفيرة مارغريت سكوبي تحدثت مع الدكتور محمد البرادعي، وذلك في أول اعتراف رسمي من جانب الإدارة الأميركية بإجراء اتصال مباشر مؤخرا مع المعارضة المصرية.

وقال المتحدث باسم الوزارة فيليب كراولي إنه في إطار تواصلنا العلني لدعم انتقال منظم للسلطة في مصر تحدثت السفيرة سكوبي اليوم مع محمد البرادعي، من دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل حول مضمون المكالمة.

وذكرت مصادر سياسية مصرية أن البرادعي تلقى اتصالات هاتفية من مسؤولين ودبلوماسيين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاستطلاع رأيه في مرحلة ’ما بعد مبارك’ في مصر.

في هذا الوقت، أعلن البنتاغون أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أجرى اتصالا هاتفياً مع نظيره المصري المشير محمد حسين طنطاوي. وقال المتحدث باسم البنتاعون ديف لابان للصحافيين ’انهما تحادثا... للبقاء على اطلاع على تطور الوضع’، من دون مزيد من التفاصيل عن المكالمة