الكاتب : نضال الخضري

أتمنى ان امحي الكثير من الكلام، رغم انني لم أكتبه أو حتى لم أفكر فيه، لكنني بالفعل أريد أن أضع التحليلات خلفي، ونوعيات التداعيات خارج حساباتي، فأنا عيني على وجوه الشباب الموزعين بين شوارع القاهرة والإسكندرية وبور سعيد وباقي المدن المصرية.

كل تداعيات لا قيمة لها أمام ما يمكن ان نستدعيه من وجوه الشباب، فهم يملكون ما يديدون وربما لأول مرة، وهم يضعون "قفزة" ثقافية ربما لا يتوقعها من يضع التداعيات السياسية في حسبانه، فأنا أرى ما يمكن أن يحدث داخل خل إنسان شارك أو شاهد أو اجتاحته حمى القلق نتيجة ما يجري، وأنا أريد مشاهدة طيف بشري يلامسني بشكل متتالي فاقتنع أن هناك جيل ربما لا يفكر مثلي لكنه يستحق أن يقف دون تراث تركناه لهم.

من هم خارج الزمن يخشون أن يتجاوزهم وميض يطرحه الشباب نحو المستقبل، فيتحفونا بتصريحاتهم أو بمحاولة البحث عن "مصلحة" بما يجري، لكن المسألة أصبح اليوم تحرك يملك شهداءه، ويني تراكمه الثقافي، وعلي الاعتذار عن لغتي التي تنتمي لجيل مختلف، فأنا أحاول أن أقرأهم كما استطيع، لكنني في النهاية أعرف أنهم تجاوزوني ربما بعقود.

هي أيام لا تعاش فقط بل ستترك لنا إرثا حقيقيا كي نفكر وندرس ونتعلم بأن الأجيال لا يمكن أن تنتظرنا، فنحن رموز لا يحتاجها الشباب الذي يٌبدعون ما يريدون في كل لحظة وربما يؤسسون مجتمعا لا يضطر إلى العودة لـ"نخب" تقدم له تنظيرات دائمة ومبررات مكتملة، ونحرمهم من إشارات الاستفهام الضرورية لاستكمال التفكير.

لن نفكر عنكم لأنكم في النهاية تحررون تاريخنا وعقولنا، فنرسم ملامح لما نريد أن نكون بعد أن ظهرتم، فكل ما أخطه أو يكتبه غيري هي مجرد بحث في داخلنا وليس في أعماقكم.. فكيف نصل إليكم؟ لا أعرف لأن عليكم أن تخبرونا بما يمكن أن نصل إليه بعد ان نقترب منكم أكثر، فما حدث وسيحدث في ساحات مصر هي فضاء أتمنى الدخول إليه كي استطيع فهم "معرفة" ماتزال بعيدة عني.

أحبكم أو أكتبكم بلغتي القاصرة... أرسمكم في محاولة التفكير كي اقتحم المجال الذي خلقتموه بعيدا عن "السياسة" أو ما حملته الفضائيات من اضطراب... فهناك حروف لم توجد بعد ولغة لا تحمل نفس الكلمات وجمل قادرة على إيقاد الحب دون أن نكتبها أو نقولها، وهذا ما فهتمه على الأقل وأنا من جيل يسبقكم لكننا أفكر دائما بكم وكأنني أتبع حالة من النبوءة أو الفيض الذي لا يتكرر في العمر سوى مرة، أو ربما لا يحدث أبدا.. فكم أنا محظوظة لأنني شهدتكم.