منذ 25 يناير/ كانون الثاني، تحوّل المدوّنون إلى مصدر للمعلومات، فأطلوا على الفضائيات لإطلاعنا على آخر التطورات في ساحات الثورة، بعدما كان نضالهم يقتصر على الشبكة العنكبوتية

’مصر العظيمة، يرأسها شخص يستعين بالبلطجية للبقاء في منصبه... لقد سمعتهم بأذني يتحدّثون عن المبلغ الذي تقاضوه للاعتداء على المتظاهرين’ تقولها نوّراة نجم، نوّارة ليست محللة سياسية، بل مدوّنة وصحافية مصرية، وناشطة في ميدان التحرير منذ اندلاع الثورة... وهي أيضاً ابنة الشاعر أحمد فؤاد نجم، والكاتبة والصحافيّة صافي ناز كاظم.

خلال الأيام الماضية، بات صوت نوّارة، وغيرها من المدوّنين المصريين، معروفاً لمشاهدي القنوات التلفزيونية.هكذا بتنا نتابع تغطية مباشرة من ميدان التحرير في القاهرة، من خلال ما ينقله إلينا هؤلاء.

لكن من هم هؤلاء؟ سؤال يبدو بديهياً للوهلة الأولى، وخصوصاً أنّ النظام المصري عمل خلال السنوات السابقة على محاصرة كل مدوّن ’مشاغب’من خلال التهديد أو الاعتقال أو حتى النفي. كريم عامر، ووائل عباس، وحسام حملاوي، ووائل غنيم (أطلق سراحه أمس)، وإسراء عبد الفتاح... كانت هذه الأسماء وحدها كفيلة في الماضي بتأهّب أجهزة الأمن المصرية.

هكذا اعتقلت عامر ولم تطلق سراحه إلا أخيراً. وهو الأمر الذي تكرّر مع وائل عباس وغيره من الناشطين، لكن اليوم تغيّرت الصورة، وكشف قسم كبير منهم عن هويّته الحقيقية، بعدما اختار بعضهم الكتابة بأسماء مستعارة في السنوات الأخيرة.

حسام حملاوي أحد أكثر المدوّنين نشاطاً هذه الأيام، يتابع التطورات على الأرض، وينقلها فوراً على موقعه، وعلى صفحته على فايسبوك من دون أن ننسى رسائله الفورية على تويتر: ’الشباب المتعبون من المواجهات ينسحبون ليحلّ مكانهم شباب آخرون...’، ثمّ يكتب رسالة أخرى يؤكد فيها أنه اتّصل بإحدى صديقاته ليرد عليه رجل أمن ويبدأ بشتمه... إنها إذاً أخبار عاجلة من الميدان، لكن على طريقة المدوّنين، من دون تنميق ولا مراعاة الخطوط الحمر التي يرسمها الإعلام التقليدي لنفسه.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن المدوّنين والناشطين على الأرض كانوا أول من تحدّث عن دخول البلطجية إلى الساحة الأسبوع الماضي، ثمّ كشفوا عن هويّاتهم على الفضائيات من خلال التأكيد أنهم سحبوا منهم بطاقاتهم ليتبيّن أنهم أمنيّون.

وائل عباس اسم آخر اكتسب شهرةً إضافية بفضل إطلالاته التلفزيونية الأخيرة، مع العلم أن هذا المدوّن المصري، الذي يُعدّ من أبرز الناشطين الحقوقيين على الشبكة العنكبوتية، سلّط الضوء على عمليات التعذيب التي تمارسها أجهزة الأمن ضدّ الموقوفين في السجون المصرية. وائل كان الأسرع في نقل الأحداث على تويتر، كما لم يتردّد في التعبير عن مواقفه السياسية بطريقة مباشرة، ’الثورة مش بتاعة البرادعي... الثورة مش بتاعة البرادعي... الناس مش بتحبه وها تكره الثورة بسببه’ كتب على الموقع الشهير، مؤكداً أن الثورة شعبية لا حزبية.

إذاً إلى جانب إطلالاتهم اليومية، بقي المدونون ناشطين على جبهتهم المفضلة أي الإنترنت.

وفي السياق،وفت السلطات المصرية أمس بوعدها، وأطلقت سراح الناشط وائل غنيم بعد تأخير دام أربع ساعات، حرصت خلالها على أن يلتقي ’مناضل الكيبورد’ بوزير الداخية وأن يوصله الأمين العام للحزب الوطني حسام بدراوي، إلى منزله بعد اختطافه من محيطه.

وكان الشباب في ميدان التحرير اختاروا غنيم متحدثاً رسمياً نيابة عنهم،عندما تحدث النظام عن مفاوضات مع ثوار ميدان التحرير، وكانت مجرد حيلة من قبل الثوار للضغط على السلطات من أجل أن تعلن السلطات أين اختفى.

وائل خرج أمس مساءً، معلناً أن ’الحرية نعمة يجب أن ندافع عنها إلى أقصى درجة’. واتجه إلى بيته لا إلى ميدان التحرير، حيث كانت وسائل إعلام كثيرة في انتظاره. قال أمامهم ’أنا لا أريد أن أنسب إلى نفسي بطولة. الأبطال الحقيقيون هم الشهداء الذين ضحّوا بدمائهم والشباب المعتصمون في ميدان التحرير’.

وكشف وائل أنه أكد لوزير الداخلية محمود وجدي، الذي التقاه بعد الإفراج عنه، رداً على تساؤل الأخير ’إيه المشكلة’، أن المشكلة تكمن في ’انعدام الثقة بيننا، واعتبارنا أغناماً تساق، وهناك تضليل إعلامي متعمّد’. وأضاف ’الأمر الآخر، ليس هناك حوار. نظرية الشعب بيتفطم هي السبب الرئيسي’.

وائل الذي يريد أن ينفي أي بطولة له، هو ’أيقونة’ الثورة المصرية. ولد عام 1980 في الإمارات، حيث قضى الجزء الأكبر من حياته هناك، قبل أن يعود للدراسة الجامعية في مصر، ليحصل على بكالوريوس هندسة الاتصالات من جامعة القاهرة، ثم ماجيستر من الجامعة الأميركية في القاهرة في إدارة الأعمال.

ولم يمنعه عمله في شركة غوغل منذ عام 2008 من متابعة تطورات الشأن المصري. وكانت المجموعة التي أنشأها باسم ’خالد سعيد’ تقف وراء الدعوة إلى التظاهرات الأخيرة التي انضمت إليها كل مصر من أجل التغيير