حسم المتظاهرون في مصر أمس موقفهم، وبات واضحا ان الاختراقات السياسية التي اعتقدت الحكومة انها حققتها لصالحها انتهت مع اتخاذ المتظاهرين موقفا سياسيا واحدا، وتوسيع عملهم ليشمل أماكن سيادية طالت مجلسي الشعب والشورى إضافة لرئاسة مجلس الوزراء ووزارة الداخلية، وكان لافتا اتساع القطاعات المشاركة في التظاهرات أمس، حيث انضم أساتذة الجامعات وبعض القضاة مع توقعات بدخول نقابات العمال إلى مساحة التظاهر.

هذه التطورات دفعت واشنطن إلى التحرك من جديد، وذلك بعد يوم واحد من "ارتياحها" لحل الأزمة السياسية وذلك بعد "الحوار الذي أجراه نائب الرئيس عمر سليمان مع طيف من المعارضة، لكن واشنطن عادت بالأمس لتصعد من ضغوطها ضد الرئيس حسني مبارك ولكن دون إبداء موقف واضح وصريح تجاه التطورات، حيث طالب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن من نظيره المصري عمر سليمان رفع حالة الطوارئ فوراً. وقال إن ضرب المتظاهرين والصحافيين يجب أن يتوقف، وانه يجب البدء في عملية فورية باتجاه نقل السلطة.

وقال بايدن في اتصال هاتفي مع سليمان إن مطالب المعارضة يمكن أن تلبى عن طريق "مفاوضات ذات معنى" مع الحكومة المصرية التي يرأسها حسني مبارك. وحسب يان صادر عن البيت الأبيض فإن بايدن اطلع على الخطوات التي اتخذتها الحكومة لكنه حثها على "اتخاذ خطوات فورية لمتابعة الإصلاحات".وكرر بايدن الموقف الأمريكي المتمثل في أن الشعب المصري هو الذي يجب أن يحدد مصير بلده. كما دعا نائب الرئيس الأمريكي إلى إجراء انتقال منظم للسلطة يكون "سريعا وذا معنى وسلميا ومشروعا" ويؤدي إلى "تحقيق تقدم فوري ولا رجعة فيه ويستجيب لتطلعات الشعب المصري".

أما المتحدث باسم البيت الأبيض فانتقد تصريحات عمر سليمان التي تحدث فيها عن عدم جاهزية مصر لان تكون دولة ديمقراطية واعتبرها تصريحات غير مفيدة، مبينا انها لا تتماشى مع فكرة وضع جدول زمني للإصلاحات في البلاد.

وكان سليمان حذر مساء امس من أن الحكومة لن تقبل باستمرار الاحتجاجات في ميدان التحرير لفترة طويلة.وطالب في تصريح حاد اللهجة ينم عن نفاد صبر الحكومة بإنهاء الأزمة "في أسرع وقت ممكن". وقال سليمان "لن يزول النظام ولن يتنحى مبارك في الحال" وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عقب اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة.

وأضاف سليمان أن النظام يريد انتهاج الحوار لمناقشة مطالب المحتجين بالإصلاح الديمقراطي، وقال في تهديد مبطن "لا نريد التعامل مع المجتمع المصري بأساليب بوليسية". ونقلت الصحف المصرية عن سليمان قوله إن "مصر دولة قوية ولم تنهار ولن تنهار‏"، مؤكدا أن "الحوار والتفاهم هو الطريقة الأولي لتحقيق الاستقرار في مصر والخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد بسلام في إطار برنامج متواصل لحل جميع المشكلات‏". محذرا من أن البديل للحوار هو أن يحدث انقلاب لا يمكن التنبؤ بنتائجه، وقال "لا نريد الوصول الى تلك النقطة، من أجل مصر".

وتحت إلحاح رؤساء تحرير الصحف المصرية لتوضيح ما يعنيه قال انه لا يعني وقوع انقلاب عسكري، ولكن "فوضى مؤسساتية تتسبب بها جهة غير جاهزة لأن تحكم مصر"، حسب ما قال عمر الخفاجي نائب رئيس صحيفة الشروق المستقلة الذي حضر الاجتماع، والذي أضاف "لم يكن يعني انقلابا بالمفهوم الكلاسيكي".
وقال سليمان "ان وجود المحتجين في ميدان التحرير وتطاول بعض الفضائيات على مصر يثبط المواطنين الذي يرغبون بالتوجه للعمل، ولن نقبل بذلك لفترة طويلة". وحذر من الدعوة التي وجهها المحتجون للعصيان المدني وقال انها بالغة الخطورة وغير مقبولة.

يذ1كر ان سليمان قال في مؤتمر صحفي ظهر أمس ان لدى مصر خطة وجدولا زمنيا لعملية الانتقال السلمي للسلطة، مشيرا الى ان الحكومة لن تلاحق المحتجين المطالبين بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك. واضاف عقب لقائه مبارك "ان الرئيس يرحب بالاجماع الوطني وقد وضعنا قدمنا على الطريق السليم". وأوضح ان الرئيس حسني مبارك اصدر قرارا جمهوريا يقضى بتشكيل لجنة دستورية مكلفة بوضع تعديلات تمهد للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في شهر أيلول المقبل.