الشعب اسقط النظام، هكذا هتف عشرات الالاف من المتظاهرين الذين حاصروا قصر العروبة، وهو مقر الرئاسة الرسمي، لدى سماعهم انباء ’تخلي’ حسني مبارك عن منصب رئيس الجمهورية، وتكليفه المجلس الاعلى للقوات المسلحة بادارة شؤون البلاد، بينما هتف اخرون ’الشعب يريد محاكمة مبارك واعوانه’ مطالبين باستمرار الثورة حتى استعادة مليارات الشعب المنهوبة.

وقالت انباء ان قرار مبارك بالتنحي جاء بعد تهديد قيادات الجيش له بتحويله للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، الا ان مصادر اكدت ان اتساع الثورة وتحولها الى حالة من العصيان المدني شبه الكامل خلال اليومين الماضيين كان عاملا حاسما، خاصة بعد ان ادى خطاب مبارك مساء الخميس الى رد فعل عكسي من الغضب في كافة انحاء البلاد.

وخرجت مظاهرات حاشدة وغير مسبوقة في العديد من المدن المصرية، وحاصر الالاف مبنى ماسبيرو او التلفزيون الرسمي الى جانب مقر الرئاسة، محافظة القاهرة والعديد من المباني الحيوية.

وفي محاولة اخيرة لانقاذ الوضع، أصدر الجيش بيانا ثانيا صباح أمس اعلن فيه انه يضمن الاصلاحات التي اعلنها النظام، الا ان الثورة اصرت على موقفها. ومع توارد الانباء حول مغادرة مبارك وعائلته الى شرم الشيخ، بدا واضحا ان الجيش سيتخذ القرار الصحيح.

وادلى نائب الرئيس عمر سليمان ببيان قرأه عبر التلفزيون الرسمي قال فيه، ان مبارك ’قرر في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد التخلي عن منصبه وتكليف القيادة العامة للقوات المسلحة ادارة البلاد’.

ثم اعلن المجلس العسكري الذي يرأسه وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي في البيان رقم 3 ’انه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب’.

وقال البيان ’في لحظة تاريخية فارقة في تاريخ مصر، بعد تنحي الرئيس مبارك وتكليفه المجلس الاعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد’، تدرك القوات المسلحة ’جسامة هذا الامر وخطورته أمام مطالب شعبنا العظيم، في كل مكان لاحداث تغييرات جذرية’.

واضاف ’ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة يتدارس هذا الامر.. وصولا لتحقيق آمال شعبنا العظيم .. وسيصدر المجلس الاعلى للقوات المسلحة لاحقا بيانات تحدد الخطوات والاجراءات والتدابير التي ستتبع’.

كما توجه المجلس الأعلى ’بكل التحية والتقدير للسيد الرئيس محمد حسني مبارك على ما قدمه في مسيرة العمل الوطني، حربا وسلما، وعلى موقفه الوطني في تفضيل المصلحة العليا للوطن’.

وقال المتحدث العسكري ’وفي هذا الصدد يتوجه المجلس الاعلى للقوات المسلحة بكل التحية والاعزاز لارواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لقضيتهم وامن بلادهم ولكل افراد شعبنا العظيم’. ثم أدى التحية العسكرية للشهداء في لفتة مؤثرة.

وأشارت أنباء الى هروب عائلة مبارك الى لندن مع بعض رموز النظام وعلى رأسهم احمد عز واحمد المغربي.
وتعتزم الحكومة السويسرية التوصل إلى ما يمكن أن يكون أرصدة محتملة للرئيس ’المتنحي’ حسني مبارك وتجميدها. وقالت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي الجمعة إن قرارا حكوميا صدر بهذا الشأن.

وأضافت الوزيرة إن القرار يتعلق بحث مصر على تقديم طلب إلى سويسرا لمساعدتها في استرداد هذه الأموال.

ولجأت الحكومة السويسرية إلى هذه الإجراءات استنادا إلى قانون جديد تم تطبيقه في اعقاب الإطاحة بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي قبل نحو شهر من الآن.

وقدرت تقارير إخبارية ثروة عائلة مبارك بنحو 40 الى 70 مليار دولار.

وليس من المؤكد حتى الآن مقدار المبلغ الذي تم تحويله من هذه الثروة إلى البنوك السويسرية.

وفي أول رد فعل سياسي على بيان التنحي، قال المعارض المصري والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، انه يتطلع للعمل مع الجيش ولا ينوي الترشح للرئاسة.

وقال ايمن نور الزعيم المعارض انه يوم تاريخي وان مصر أصبحت حرة.

لوموند: أمريكا تفقد نفوذها في مصر

من جهتها رأت صحيفة (لوموند) الفرنسية أن الولايات المتحدة ’لا ترغب.. في أن تسود الفوضى مصر ولا أن يهتز السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أنها لم تشأ أن تنحاز إلى الجانب الخطأ في هذه الأحداث’.

وقالت الصحيفة التي تصدر في باريس ’الحقيقة أن هذه التطورات في مصر لم يكن لها أن تحدث لولا الولايات المتحدة الأمريكية، التي صارت حائرة فيما يحدث إلى حد ما ولم تستطع أن تؤثر فيه كثيرا.. صحيح أن الولايات المتحدة تمتلك القنبلة النووية، وصحيح أنها يمكن أن تضر بمصر إذا امتنعت عن تقديم مساعداتها التي تصل إلى ملياري دولار سنويا، إلا أن السؤال المطروح هو: من المستفيد من إجراء مثل منع المساعدات عن مصر؟’

وذكرت الصحيفة: ’يشبه تصوير الولايات المتحدة على أنها تمسك بجميع خيوط اللعبة من الخلف تصور نظرية المؤامرة المحبب لدى الكثيرين، وكلاهما بعيد عن الحقيقة. كما أن الحرب الباردة ولت منذ زمن بعيد، ولم تعد واشنطن وموسكو تحددان مسار الأحداث في نطاق نفوذهما، وما يحدث في مصر لم يكن ممكنا التنبؤ به على الإطلاق’