الكاتب : نضال الخضري
الأحدث في العالم العربي من جهة وأساليب التغطية الإعلامية من جانب آخر، فكيف يمكن أن يرتسم الهدوء القادر على خلق حالة إبداع لزمن مختلف، فالإعلام ربما يشعر أن ما يجري يقفز فوق كل الاحتمالات، وأن أساليب التواصل يصعب ضبطها كي ترسم الحدث، فتظهر حالة "الذعر" من واقع استثنائي يقفز فوق كل الاعتبارات.
صورة العالم العربي مقلقة، والمشهد الإعلامي الذي يرافقنا يرسم ذعرا من نوع خاص، لأنه يضعنا أمام حد فاصل ما بين زمنين، وربما بين أساوبين في التعبئة السياسية، ومن الصعب تجاوز ما يحدث دون تفكير عميق وتحويل الشحنة العاطفية لحالة إبداع جديد، فالزمن القادم لا يحتمل فقط أنواع التغطية الإعلامية التي بقفز من بلد لآخر ومن ناشط حقوقي إلى خبير إعلامي، ووسط حجم المعلومات تنتقل مشاعرنا لترسم حدا فاصلا ما بين القدرة على الاستيعاب أو التهيئة لمرحلة جديدة.
هذا هو العالم العربي الذي يدفعنا كل لحظة للغضب أو الجنون أو حتى حمل عشق مختلف عن البرود الذي تنقله الهواتف النقالة عندما ترسل twitter لتنشر ما يحدث بشكل بارد، فمن يجوبون الشوارع هم أبناؤنا ومشاهد الدم في ليبيا أو البحرين أو اليمن هي لأشخاص يحملون أحلام ومشاعر وعواطف، وهم بشر يجب أن يعيشوا كل ما يريدونه، وفي النهاية فإن المشهد لا يمكن تجاوزه... لا يمكن القفز فوقه لأنه ليس ثورة بالمعنى الكلاسيكي بل هو قفزة زمنية حقيقية فوق كل الرموز التي تظهر على الفضائيات.
من الصعب التحليل أو اقتباس حالات مشابهة، ومن المستحيل التوقف لتسجيل ما يجري، لأن "حديث الثورات" أصبح حالة جانبية وما يجري هو نوع من الإرادة التي تصب في زمن آخر فهل نستطيع استيعابها... أو قادرين على حضنها والتعامل معها بشكل مختلف عن التفكير الذي كان سائدا قبل شهرين فقط.
هناك حدث يجتاحنا ويعيد لنا مشاهد كانت في الخيال، لكن الواقع لا يرسم الصور كما نريدها، ولا يحمل معه نوعا من المساحات الهادئة... علينا التفكير واستيعاب الحدث قبل أن يجتاحنا هذا الزمن المجنون الذي على ما يبدو أنه يخترق بعض المجتمعات بشكل غريب، ثم يترك لنا مشاهد إعلامية... مشاهد تدفعنا للقلق.