هدد أحد مشايخ قبيلة ليبية بوقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية في حال عدم وقف قوات الأمن إطلاق النار على المتظاهرين ووجهت عدة قبائل ليبية مهلة 24 ساعة للزعيم الليبي معمر القذافي لحقن الدماء.

وسقط مئات القتلى والجرحى في مواجهات مستمرة في ليبيا، وسط اتهامات لقوات الأمن الليبي ومرتزقة بارتكاب مجازر ضد المحتجين. في غضون ذلك انضمت قبيلة ترهونة إلى ورفلة، وهما أكبر قبيلتين في ليبيا ويناهز عددهم مليونين، إلى المتظاهرين ضد نظام معمر القذافي.

فقد قالت مصادر طبية في مستشفى بنغازي شرقي ليبيا إن ما لا يقل عن 200 شخص قتلوا في الاحتجاجات التي تشهدها المدينة.

كما أفادت مصادر طبية أخرى بأن نحو 50 شخصا قتلوا في مدينة بنغازي منذ ظهر الأحد.

وتحدثت منظمات حقوقية أجنبية عن مقتل 300 شخص وجرح مئات آخرين في الاحتجاجات المتواصلة في مدن ليبية عدة.

ونقلت وكالة رويترز عن شاهد عيان قوله إن المتظاهرين يتعرضون لما سمتها مجزرة.

في الوقت نفسه قال المتحدث باسم قبيلة ترهونة عبد الحكيم أبوزويدة بحسب موقع الجزيرة نت إن شيوخ قبيلته، التي تشكل ثلث سكان العاصمة طرابلس، أعلنوا تبرؤهم من النظام وانضمام القبيلة للمتظاهرين ضد ’الطاغية’ ودعوا أبناء القبيلة للانضمام إلى الثورة.

وأضاف أن شيوخ القبيلة التي ينتسب إليها معظم جنود الجيش سعوا إلى توعية أبنائها خاصة الجنود بتاريخ قبيلتهم وعدم الانسياق وراء الفتنة التي دعا إليها سيف الإسلام بعد أن قام النظام بتسليح العديدين.

وبدورها أكدت قبائل الطوارق جنوب ليبيا -في اتصال لأحد أبنائها آكلي الشيخا مع الجزيرة من بروكسل- تأييدها للمطالبين بإسقاط نظام القذافي.

كما هدد أحد مشايخ قبيلة ليبية بوقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية في حال عدم وقف قوات الأمن إطلاق النار على المتظاهرين، في وقت اندلعت فيه اشتباكات وسط العاصمة طرابلس بين المتظاهرين وقوات الأمن، فيما ترددت أنباء عن سيطرة المحتجين على عدة مناطق بالعاصمة.

وقال فرج الله الزوي أحد مشايخ قبيلة الزوي جنوب البلاد إن القبيلة ’توجه إنذارا’ إلى القذافي ومهلة 24 ساعة لحقن الدماء ، وإلا فستضطر القبيلة إلى وقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية.

وفي هذه الأثناء اندلعت اشتباكات في الساحة الخضراء وسط طرابلس بين آلاف المتظاهرين وقوات الأمن.

يأتي ذلك وسط نداءات استغاثة وجهتها عائلات في طرابلس إلى مواطني المدن المجاورة لنجدتهم.

وأكد شهود عيان بحسب موقع الجزيرة نت أن المتظاهرين والسكان سيطروا على المدينة وقاموا بتنظيم حركة السير على التقاطعات في المدينة بعدما انسحب أو فرت قوات الأمن، في حين تحدثت أنباء عن أن قوات الصاعقة توجهت إلى مطار بنغازي للسيطرة عليه.

كما ينظم أهالي المدينة -وفق الشهود- لجانا شعبية للمحافظة على أنفسهم وممتلكاتهم، وجمع التبرعات لتوفير المؤن للمحتجين الذين يقفون منذ بدء الاحتجاجات أمام محكمة شمال بنغازي.

من جهة أخرى وجه خمسون من علماء الدين والمثقفين وشيوخ القبائل نداء عاجلا إلى قوات الأمن لوقف المذابح.

وأعلن دبلوماسي ليبي بالعاصمة الصينية بيجين في اتصال مع الجزيرة استقالته من السلك الدبلوماسي احتجاجا على قمع المتظاهرين، داعيا الجيش الليبي لحماية الشعب.

من جهتها دعت مؤسسة الرقيب الليبية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته حيال ما يجري في ليبيا من قتل عشوائي للأطفال والمتظاهرين العزل، على حد قولها.

وأوضح المتحدث باسم المؤسسة الحقوقية في مؤتمر صحفي بلندن أن المواطنين في العديد من المدن الليبية يواجهون ما سماه بالبطش الشديد ويقتلون بأسلحة مختلفة.

وأضاف أن معظم القتلى أصيبوا في الرأس والرقبة والصدر, وأن مؤسسة الرقيب ستلاحق كل المسؤولين عن الجرائم المقترفة ضد الشعب الليبي.

إدانة غربية خجولة للقمع الليبي

ودعت منظمة العفو الدولية القذافي لكف يد قوات الأمن التابعة له على الفور وسط الأنباء التي تتحدث عن استخدامها للبنادق الآلية وأسلحة أخرى في قمع المحتجين في بنغازي ومصراتة ومدن ليبية أخرى، ما أدى لسقوط عدد كبير من الضحايا بين قتيل وجريح.

وتأتي هذه التطورات في وقت تفرض فيه السلطات الليبية تكتما إعلاميا شديدا على ما يشهده الشارع الليبي، كما تلجأ في معظم الأوقات إلى حجب خدمات الإنترنت والاتصالات الهاتفية.

من جهته قال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة تدرس ’كل التحركات الملائمة’ ردا على حملة القمع الليبية العنيفة ضد المحتجين، وتقوم بتحليل كلمة ألقاها سيف الإسلام القذافي عبر التلفزيون لمعرفة ما إذا كان هناك إمكانية لإجراء إصلاح جاد.

وأدانت بريطانيا وفرنسا قمع السلطات الليبية للمحتجين المطالبين بالديمقراطية، وحثتها على بدء الحوار معهم وتنفيذ إصلاحات.

في المقابل هددت ليبيا بوقف التعاون في مجال الهجرة غير الشرعية إذا شجعت أوروبا الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.

وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ لقناة سكاي نيوز التلفزيونية إنه يتعين على المجتمع الدولي ألا يتردد في إدانة ممارسات السلطات الليبية، وطالب الزعيم الليبي معمر القذافي باحترام حقوق الإنسان الأساسية الذي رأى أنه لا يوجد مؤشر على ذلك من خلال ما وصفه برد الفعل الرهيب والمفزع للسلطات الليبية تجاه هذه الاحتجاجات، وحذر من أن العالم يراقب ما يحدث في هذا البلد.

ولم يطالب الوزير البريطاني بإزاحة القذافي عن السلطة، وأصر على أن الحكومة البريطانية لا تعبر عن وجهات النظر حول من ينبغي أن يتولى قيادة الدول ذات السيادة في الخارج، لافتا إلى أن مثل هذا الأمر سيتم حله داخل ليبيا.

من جهتها اعتبرت فرنسا أن قمع السلطات الليبية للمحتجين المطالبين بالديمقراطية أمر غير مقبول.

وقال الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية لورون ووكياز إن باريس قلقة جدا من الأحداث الجارية في ليبيا، ووصف الأنباء التي تتحدث عن ممارسة العنف ضد المحتجين وسقوط العديد من القتلى بأنه أمر لا يمكن قبوله.

وطالب الوزير الفرنسي ليبيا بالالتزام بالمعاهدات الخاصة بالحقوق السياسية والمدنية، والامتناع عن استخدام القوة غير المتكافئة مع المحتجين، وشدد على أن أوروبا لديها مسؤولية حيال هذا الأمر.

أما رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني فرد على تساؤل صحفي بشأن الأحداث في ليبيا، قائلا إن الوضع يتطور باستمرار وإنه لا يريد ’إزعاج’ الزعيم الليبي في هذا الشأن.

قلق أميركي

من جهتها عبرت الولايات المتحدة عن قلقها العميق بشأن استخدام السلطات الليبية والبحرينية العنف ضد المتظاهرين.

وقال المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس لمحطة أن بي سي الإخبارية الأميركية إن بلادها ترفض رفضا قاطعا استخدام العنف ضد المحتجين المسالمين، ونفت الاتهامات الموجهة لإدارة الرئيس باراك أوباما بعدم اتخاذ الرد المناسب حيال موجة الاحتجاجات المنادية بالديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأضافت أن الولايات المتحدة تشجع حكومات المنطقة للاعتراف برغبة شعوبها في التغيير والإصلاح.

ولم تتحدث رايس عن الدعوة إلى تغيير النظام في ليبيا أو البحرين، وهما دولتان لهما أهمية أمنية حيوية بالنسبة للولايات المتحدة وتشهدان موجة من الاحتجاجات شابها العنف في الأيام القليلة الماضية.