الكاتب : زينب الدبس

يبدو أن تداعيات ضبابية المشهد على الساحة المصرية أعطى الصورة قتامه باتت جلية بأنه من غير الممكن فرض العديد من السيناريوهات والتكهن بانعكاس التداعيات المرتقبة للثورة المصرية على أوضاع الفلسطينيين وقضيتهم مع أن السؤال لازال يطرح نفسه بإلحاح عن تأثيرات الثورة المصرية ؟خاصة أننا أمام حقبة تاريخية جديدة عنوانها الشعوب استطاعت قلب المعادلة الإقليمية وتغيير موازين القوى، فالثورة المصرية لم ترس بعد على برها، وهي تحتاج إلى عدة أشهر، أن لم يكن أكثر حتى تستقر الأمور.

لان لاستقرار مصر دور مركزي ومؤثر في المنطقة وليس فقط على القضية الفلسطينية ، فمصر حتى لو أبقت على التزامها بكامب ديفيد إلا أنها منشغلة في الأوضاع الداخلية لكن في الوقت نفسه أن التغير السياسي الذي تشهده مصر اليوم في بنية النظام القائم من حكم الحزب الواحد إلى التعددية السياسية ومشاركة كل القوى والأحزاب في الساحة المصرية ما سيؤدي إلى تغير في إستراتجية مصر في التعامل على المسار الفلسطيني ، فالتغيير المصري لاشك أنه سيكون له تبعات سياسية ذات تأثير عميق على السلطة الفلسطينية نظراً للدعم الكبير الذي كان يقدمه النظام المصري السابق على أساس سياسي وأمني ، فهو الضامن لبقاء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بالوقت الذي تكثر فيه التكهنات بتغير واقع الحال بالنسبة لحركة حماس في قطاع غزة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو اللوجستي على الحدود ،خصوصاً في حال تم فتح معبر رفح، وتخفيف القيود على حركة الفلسطينيين، عندها ستتحول شبكات الأنفاق تحت الأرض إلى سطح الأرض، في هذه الحالة من المتوقع أن يعيش قطاع غزة حالة من الانتعاش وإمكانية استمرار المقاومة بشكل مكثف ومنظم ،بالوقت الذي تجد إسرائيل نفسها اليوم أمام مأزق وتحدي كبيرين ،ما يجري في العالم العربي وفيما سيواجه مصر اليوم لو تغيرت تركيبة النظام المصري وفيما لو تعددت الأحزاب المشاركة وكان للإخوان المسلمين النصيب الأكبر في حكم مصر وما ستكون عليه اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، ما يعني أن الفلسطينيون اليوم سيواجهون إسرائيل بمعادلاتها ومخططاتها وفق التغير الاستراتيجي في المنطقة ما يعني بضرورة مطالبة التغير الفلسطيني هو الآخر أن يكون استراتجيا وفق لتلك التغيرات الإقليمية وأهمها دعوة قيادة حركة فتح وقيادة حماس لتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة العامة والتنظيمية وإعادة تفعيل وبناء منظمة التحرير، من أجل الخروج من المأزق الراهن، في ظل الانقسام الحاد السائد منذ منتصف حزيران (يونيو) 2007 .

بالطبع لن تنهار اتفاقية كامب ديفيد سريعا، ولكن دور مصر في المنطقة وإزاء القضية الفلسطينية مرشح للتغيير الايجابي ، وربما سنشهد بداية انهيار نظرية السلام من الخارج إلى الداخل، ما يعني أن القوى الدولية ستعود رغما عنها، إلى البحث عن السلام مع الفلسطينيين أولا.