دعت منظمة الهيومن رايتس ووتش السلطات العراقية بفتح تحقيق فوري في سقوط عشرات الضحايا برصاص الأمن في عدة مناطق بالبلاد أثناء المظاهرات التي جرت الجمعة.
وقالت المنظمة إن ’الاستخدام المفرط للقوة ولا سيما الذي يؤدي إلى وقوع قتلى يستوجب مقاضاة المسؤولين عنه بمن فيهم من أعطوا الأوامر’.
وتدفق ألاف العراقيين في مظاهرات واسعة شملت خمسة عشرة محافظة ضد الحكومة العراقية أمس الجمعة، رغم دعوة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشعب العراقي لعدم الخروج في مظاهرات الجمعة, معتبرا أنها مريبة، ومتهما من وصفهم بالصداميين -نسبة إلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين- والإرهابيين وتنظيم القاعدة بالوقوف خلفها، ودعوته محافظي العديد من المدن العراقية إلى يوم عمل للدوائر الحكومية، رغم أن يوم الجمعة إجازة أسبوعية، في محاولة لثني موظفي الحكومة عن الانخراط في المظاهرات.
وقتل عشرة أشخاص على الأقل وأصيب العشرات في مظاهرات واسعة تطالب بإصلاح شامل للنظام السياسي وتحسين المستوى المعيشي في البلد خلال مدة وجيزة، وكانت أعنف المظاهرات في الموصل، حيث سقط خمسة قتلى برصاص الأمن وأصيب نحو عشرين آخرين بجروح، واقتحم المتظاهرون مقر المحافظة وأحرقوا أجزاء منه.
وفي شمال العراق أيضا، وتحديدا في قضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك، قتل متظاهران وأصيب 30 آخرون برصاص الشرطة في مظاهرات حاشدة تمكنت من اقتحام المجلس البلدي ثم أضرموا النار فيه.
اما في بغداد فقد احتشد آلاف العراقيين في وقت مبكر من صباح الجمعة في ساحة التحرير بقلب العاصمة، وتمكنوا بعد مواجهات مع قوات الأمن من كسر حواجز أمنية من على مدخل جسر الجمهورية الذي يصل بين الساحة وبوابة المنطقة الخضراء التي تضم جميع مقرات الحكومة العراقية والبرلمان.
اما في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار غرب العراق، أدى آلاف من المتظاهرين الصلاة في ساحة وسط المدينة، وحملوا لافتات كتب على بعضها ’الشعب يريد إسقاط النظام’، و’احذروا الخريجين إذا غضبوا’، واستمرت المظاهرات الشعبية في عدد من مدن إقليم كردستان العراق للمطالبة بإجراء تغييرات جذرية في النظام السياسي ومعالجة الفساد الإداري في الإقليم.
وفي إطار سعيها للتعتيم الإعلامي على مجريات الأحداث، قامت قوات الأمن العراقية باعتقال الإعلاميين الموجودين في ساحة التحرير ومصادرة أشرطة التصوير، بعد أن كانت منعت في وقت سابق دخول سيارات البث المباشر إلى ساحة التحرير.
ومن جهتها قالت قناة الديار العراقية الخاصة إن قوات الأمن اقتحمت مقرها، ومنعتها من نشر الصور المباشرة من مكتبها القريب من ساحة التحرير.
وطالبت هيومن رايتس السلطات العراقية ’بضبط قواتها الأمنية ومحاسبة كل من يثبت تورطه في أعمال القتل هذه وممارسة أكبر قدر من ضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين’. كما دعتها إلى ’رفع القيود المفروضة على التجمع والتظاهر السلمي’.
فيما قال الصحفي أحمد الدباغ للجزيرة نت من الموصل إن الوضع خرج عن السيطرة بعد أن كانت المظاهرة سلمية في بدايتها، وجرت احتكاكات مع قوات الأمن، التي فتحت نيران الرصاص الحي على الحشود. وأشار إلى أن قوات الأمن أغلقت جميع الجسور في الموصل لتمنع وصول المزيد من السكان إلى مقر المحافظة.
وقالت مصادر إعلامية إن الجيش انسحب من الساحة إثر تزايد الأعداد، وحلت مكانه قوات ألوية خاصة تابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي مباشرة، فيما اوضح مشاركون في الاحتجاجات إنهم قضوا عدة ساعات في المسير من أجل الوصول إلى مقر المظاهرة بسبب حظر التجول في كل أنحاء بغداد منذ مساء الأمس.
وفي البصرة كبرى مدن الجنوب العراقي, تجمع آلاف المتظاهرين بعد تمكنهم من اقتحام الحواجز الأمنية، في حين قدم محافظ البصرة عبود شلتاغ استقالته استجابة لطلب المتظاهرين.
وواجهت قوات الأمن العراقية المظاهرات بإطلاق الغاز المدمع لتفريق آلاف المحتجين على تردي الخدمات وتفشي الفساد.
وفي جنوب العراق كذلك اجتاحت مظاهرات مدينتي كربلاء والنجف شارك فيها الشباب في ظل إجراءات أمنية مشددة، وحملوا لافتات كتب عليها ’بالأمس في تونس ومصر واليوم في العراق’.
في غضون ذلك طاردت القوات العراقية المسلحين وأطلقت قنابل صوتية لتفريق المتظاهرين في مدينة الناصرية جنوب البلاد.
أما في مدينة السليمانية آلاف المتظاهرين لليوم الثامن على التوالي، مع إصرارهم على مواصلة التظاهر إلى أن تتحقق مطالبهم.
وقالت مصادر أمنية وطبية إن شخصا قتل وأصيب عشرة آخرون على الأقل عندما أطلقت قوات الأمن النار على محتجين في بلدة كلار الواقعة جنوبي السليمانية. كما قتل شخص وأصيب خمسة آخرون في اشتباكات في بلدة جمجمال الواقعة أيضا بشمال البلاد.
كما لقي شخصان حتفهما وأصيب 22 اخرون في سامراء وتكريت كما أصيب 43 من المحتجين وضباط الأمن في كركوك والفلوجة وسليمان بك والناصرية والخالدية.