الكاتب : سها مصطفى

مع بدء توزيع المعونات الاجتماعية المحدثة بموجب المرسوم التشريعي رقم 9، بدا أن المشروع على وشك الاصطدام بعدة عقبات، عقبات رئيسية تجعل من تحقيق أهدافه في تعزيز تنمية رأس المال البشري والاستثمار فيه، وتمكين المستفيدين اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً، من خلال برامج ينفّذها الصندوق أو مؤسسات وبرامج التمكين المختصة موضع اعادة نظر وبحث.

بخاصة أمام الاستحقاقات التي تنتظر الصندوق، أمام مفاعيل التقرير الشهير للتنمية البشري لعام 2004 الذي أكد أن نسبة الفقر في سورية 11.4% في المئة استناداً الى خط الفقر الأدنى، وتزداد هذه النسبة لتصل الى 30.1 في المئة من عدد السكان عندما يتم استخدام خط الفقر الأعلى حيث يمثلون 5.3 ملايين شخص، ولم يصدر اي تأكيد رسمي بانخفاض الفقر مع نهاية الخطة الخمسية العاشرة في العام الماضي.

شروط قاسية

الصندوق الذي عد باب جديد لمساعدة الأسرة الفقيرة، حمل شروطا لا تختلف عن شروط الإفادة من دعم المحروقات وربما أكثر اجحافا، لعل أبرزها تطلبه مايشبه شهادة فقر الحال!

وحدد صندوق المعونة أن يكون رب الأسرة يحمل الجنسية العربية السورية، أو ما في حكمها، ولديه بطاقة عائلية صادرة من الأحوال المدنية، وأن تكون الأسرة مقيمة حالياً في سورية وبشكل مستمر، وألا يكون رب الاسرة أو زوجته من العاملين بأجر لدى القطاع العام أو الخاص المنظم أو لدى الغير، وليس لديهما أي سجل تجاري أو صناعي، وألا يكون لأحد الزوجين معاش تقاعدي أو ما في حكمه، كذلك ألا يكون مجموع دخل الأسرة بما فيه المعونات من الأولاد والأقارب والجمعيات الأهلية وغيرها كافيا لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسرة، والشرط الأخير تقديري.

إلا أنه مع بدء صرف المعونات شهد السوريون بحالات ميدانية تقاطر أعداد ضخمة من مستحقي المعونة الى مراكز البريد المنتشرة في الأحياء السورية، بدلا من صرفها عبر حسابات مصرفية أسوة بالموظفين وتخفيفا للازدحام.

وتصرف لهذا العام المعونة بواقع دفعة كل أربعة أشهر، حيث تم توزيع المستحقين على أربع شرائح وفقاً لنتائج المسح الاجتماعي إذ تستحق الفئة الأولى مبلغ 14 ألف ليرة سورية في الدفعة الواحدة والثانية 10 آلاف والثالثة 4 آلاف والرابعة ألفي ليرة سورية، وتصرف المبالغ الأخيرة على شكل ثلاث دفعات متساوية.

الارقام الأخيرة تجعل من امكانية تحسين دخل الأسر الفقيرة موضع تشكيك أمام التضخم المقدر 6% سنويا، رغم أن التكلفة التقديرية للمعونات النقدية، التي ستصرف للمستحقين خلال هذا العام، تبلغ ما بين 10-12 مليار ليرة سورية بالمجمل، والتي يرى خبراء اقتصاديون أنه كان الاجدى استخدامها في قروض تنموية بدلا من توزيعها كاعانات عبر منافذ قليلة لا تتجاوز الـ29 منفذ تقصدها 60 ألف عائلة سورية فقيرة.

والارقام السابقة موضع تشكيك في جداوها أمام الاستحقاقات التي تنتظرها لجهة الشروط الملزمة القاضية لمن يتسلم المعونة، بتعليم أبنائه ممن هم في سن التعليم الإلزامي واحضار وثيقة تثبت استمرارهم في الدراسة، وبطاقة اللقاحات الأساسية الإلزامية للأطفال، وألا يكون في أسرته أفراد أميون،وفي الدفعة الثانية سيُطلب منه إحضار وثيقة الدوام المدرسي ووثيقة اللقاحات الأساسية وذلك كي يستحق الدفعات الباقية، مايجعل من المعونة بمجملها بشروطها هذه حالة شوهاء لجهة استحقاقها ومترتباتها ودورها ضمن المنظومة الحمائية الاجتماعية، التي تنتظر حلولا جذرية تتمثل بخلق فرص عمل وخفض البطالة وتحرك الاستثمارات الاقتصادية في سوريا سواء عبر البنى الخدمية والتحتية و تنمية رأس المال البشري بدلا من الحلول المؤقتة التي لا تشكل علاجا جذريا بالنتيجة، أمام اعتراف المكتب المركزي للإحصاء: إن معدل التضخم السنوي للفترة الممتدة بين كانون الأول 2010 وشهر كانون الأول 2011 بلغ (7.13) أي إن معدل التضخم لعام 2010 كان 7.1%، وتسجيل الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر كانون الثاني 2011 (149.2) بارتفاع قدره (0.32) عن شهر كانون الأول 2010 كما بلغ معدل التضخم الشهري (0.22) لشهر كانون الثاني عن شهر كانون الأول وبلغ معدل التضخم السنوي (7.13) لشهر كانون الثاني 2011 عن شهر كانون الثاني 2010، بالنتيجة الارقام الأخيرة تتطلب سياسات حكومية اقتصادية جادة مختلفة عما عهدته سوريا خلال السنوات الأخيرة..