الكاتب : ربى الحصري

ما يلفت في الحدث الليبي مجموعة من الأخبار حول "خطف الجثث والجرحى"، وهي قضية تفتح أسئلة كثيرة حول الغاية من هذا الموضوع، فالرئيس الليبي يسير بليبيا باتجاه نموذج الحروب الأفريقي، وفي وقت مبكر من الثورة تحدث الكثير من المحللين حول هذا الموضوع، ويبدو تفكير الرئيس الليبي مفهوما في إطار كونه "ملك ملوك أفريقا"، رغم أحدا لم ينصبه في هذا الموقع، لكن المناصب هنا مجانية لأبعد الحدود، لكن السؤال يبقى مفتوحا: لماذا خطف الجثث والجرحى؟ هل لإخفاء أثر الجريمة؟! ولكننا هنا أمام مذبحة لا يمكن إخفاءها.

سيف الإسلام أبدى أمس استخفافه بالعقوبات المفروضة عليه أو عائلته، وبشكل يفضح تفكيرا مريضا فغنه اعتبر أن القوة في النهاية هي التي ستقرر الموقف الدولي، ولكن أي قوة؟ هو مجرد سؤال للبحث عن قضية خطف الجرحى والقتلى، فهناك أسلوب يتم استخدامه ليس لقمع الثورة بل أيضا لبناء نموذج مستقبلي في "الإرهاب"، لكن هذا النموذج لا يحمل معه صورة القوة التي يريدها "سيف الإسلام"، لأن ما يحدث يشكل نوعا من "الانتقام" الذي كان واضحا في "الخطب" التي ظهر فيها الرئيس الليبي وكأنه في مساحة حرب تحدث في ستينيات القرن الماضي، وفي النهاية لم يكن أمامه سوى الحرب الأهلية التي يحلم بها كي يتحصن بها بعد انهيار كل الأوهام التي حاول التستر داخلها كنوع من "خداع النفس".

في ليبيا هناك حالة مكشوفة لا تتعلق فقط بنوعية الواقع الاجتماعي والسياسي، فالرئيس الليبي يريد خلق "حالة إرهاب" داخل مجتمع بقي راضيا عن أداء اهتز نتيجة الفوضى التي تم فرضها على اعتبار أنها "أسلوب سياسي"، فالثورة الليبية في النهاية لم تكن امام نظام سياسي، ولم يدخل فيها أطرافا واضحة مثل الجيش أو الجهاز الأمني أو "الحزب الحاكم"... كل هذه الأمور ليست موجودة والوصف المقدم ضبابي حيث تبدو القوة التي تجابه الثوار من النوع الذي لا يمكن تشخيصه، فهم قبعات صفر ومرتزقة و "كتائب أمنية".... في المقابل فإن الرئيس الليبي ونجله سيف الإسلام حاولوا رسم صورة مشابهة لظاهرة مشخصة بوضوح أمامهم فوصفوا المتظاهرين بأنهم من "القاعدة" و يتعاطون "حبوب هلوسة" وأنهم يريدون إقامة إمارات إسلامية....

مجابهة الثورة تحدث بنفس قياس التكوين السياسي المختلط في عقل الرئيس الليبي، فنموذج "الإرهاب" هو الأكثر تقبلا بالنسبة لما يحدث، لأن "الإرهاب" هو في النهاية لا يملك خطا واضحا وهدفه هو خلق الذعر دون معرفة حقيقية لما يمكن أن يحدث مستقبلا، لذلك فلا اعتقد أن الرئيس الليبي يعرف تماما ماذا يريد أن يقوم به في اليوم التالي، وهل بإمكانه أن يعود فيما لو قمع الثورة زعيما ورئيساغ وملك ملوك إفريقيا؟!

من الصعب التفكير عن الرئيس الليبي لأنه في النهاية لم يعد شكل "طرفة" نراها فجأة في القمم العربية، بل أصبح حالة من الأسى ترتسم ليس فقط على وجوه الليبيين، بل كل من تفاعلوا مع الثورة المصرية واعتبروها زمنا جديدا... لكن بالتأكيد فإن الإرهاب الذي تتم ممارسته في ليبيا لن يمر ولنتذكر ثورة عمر المختار.