الكاتب : نضال الخضري

يمكن لنا ترتيب الصور الليبية بشكل مختلف، فالتركيز على الحدث وشهود العيان وكلمات القذافي تجعلني أحاول فهم ما يجري وفق سياق مختلف، لكنني لا أسعى التقليل من الأم الذي يسببه الحدث أو أشكال العنف التي لا تمر بسهولة أمام العين، فالألم يبدو أحيانا وكأنه يسترب خارج الحدود كي يضربنا، لكن الصورة الثالث التي تظهر يمكنها على الأقل إقناعنا بأن الألم ليس مجانيا فهو يعيد التكوين المألوف فيجعلنا نقتحم المستقبل به كي لا تتألم الأجيال القادمة.

فكر يترنح

لا أعرف لماذا بقي "الكتاب الأخضر" للتندر فقط، رغم أنه طُبق على شعب بكامله، فالكتاب الذي يحوي كل تناقضات الكون ذهب طي النسيان بالنسبة لمعظم المتابعين وكأنه مجرد أوراق لن تؤثر في مستقبل أحد، وربما اعتبره الكثيرون "إرهاصات" من أجل الظهور لكن ما نشهده اليوم هو نتائج من وضع هذا الكتاب فهو يرى أن ما يحدث يمكن أن يجابه بنفس الطريقة العشوائية التي ظهر فيها الكتاب الأخضر أو تم تطبيقه ليجعل ليبيا مساحة مفتوحة لا يمكن فهم معادلاتها الداخلية.

يسرقون الموتى والجرحى

علينا تذكر الأيام التي تم فيها "اختطاف" جثامين الموتى من المستشفيات، أما لماذا حدث هذا الأمر فهو مرتبط بطريقة تعامل الرئيس الليبي مع أزمته، وربما لن نملك أي تفسير لهذه القضية حتى بعد خروج ليبيا من وضعها الحالي، واعتقد أنه لا يوجد أي تفكير منطقي لهذ1ا الأمر لأنه مجرد ردود فعل يصعب تفسيرها، وهي تعبر عن استباحة كل شيء بما فيها من سقطوا خلال الثورة.

خطف الجثامين يعبر في شكله العام عن سلطة يريدها الرئيس الليبي حتى على "عالم الماوراء"، ولا نعرف إذا كان سيخرج يوما ما ويتحدث عن هؤلاء الضحايا وأنهم ذهبوا إلى جهنم بإرادته أو أنه عفا عنهم فأصبحوا في الجنة! هي معضلة حقيقية بالنسبة لكل من يراقب الحدث الليبي، لكنها في النهاية مجرد صورة لم لا يعرفون أن الحياة الإنسانية محترمة في مختلف الظروف، وأن احترام الجثامين هو احترام للحياة فهؤلاء كانوا قبل لحظات يملكون أحلامهم وتفكيرهم وألمهم أو سعادتهم، وما يليق بالجثامين هو رمز لاحترام كل ما كان يعنيه هؤلاء الضحايا قبل أن يسقطوا بالرصاص او القذائف.

ما نحن فاعلون

كلما احتدت الثورة في ليبيا زاد الخطر على الأفق التي تحمله الحالة العربية أو الشرق الأوسطية.. لا يهم الاسم لأن ما يثير القلق أن الزمن الجديد يتعرض لحالة استلاب، بينما لا نجد عمقا يبحث فيما جرى، وعناوين التفكير مازالت كما هي، بينما نشهد في هذه اللحظات تقلبات حتى في منهج التفكير بالمستقبل... فلماذا لا نحاول إيجاد نظرية مختلفة؟ الوقت ليس مبكرا وعلينا بالفعل نبش أنفسنا... سبر عقولنا كي يظهر فكر مختلف... فكر قادر على الدخول في الزمن الجديد.