تعكف بريطانيا وفرنسا حاليا على إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يجيز فرض منطقة طيران محظور فوق ليبيا بالتشاور الوثيق مع الولايات المتحدة وألمانيا.فيما بدأ ’الزعيم ’الليبي بجر بلاده إلى حرب أهلية تستتبع التدخل الأجنبي.

وبشأن فرصة تمرير القرار قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة ’إنه سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا إقناع روسيا والصين بمساندة القرار’.

وقال الدبلوماسيون إن القرار سيتوقف على ما إن كانت هناك محركات للعمل في هذا الاتجاه. ومن بين هذه المحركات حدوث تدهور ملحوظ للأوضاع الإنسانية أو قصف جوي واسع للمناطق المدنية من قبل القوات الموالية للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.

يذكر أن آخر مرة قام فيها الحلف بفرض منطقة حظر طيران كانت عام 1999 في كوسوفو حيث نفذ 38 ألف طلعة جوية خلال 78 يوما.

في الغضون، بدا معمر القذافي مستعداً للتضحية بليبيا من أجل الحفاظ على عرشه، عبر جر البلاد إلى حرب أهلية تستتبع تدخلاً أجنبياً بدأت تتضح معالمه، حيث واصلت قواته، أمس، شن الهجمات البرية والجوية على الثوار لوقف التقدم السريع الذي حققوه على الجبهة الشرقية خلال اليومين الماضيين، وخنق المواطنين الذين ثاروا على نظامه في مدن الغرب.

وشنت القوات الموالية للقذافي، أمس، هجوماً مضاداً على الجبهة الشرقية، في محاولة لاستعادة السيطرة على رأس لانوف. وتزامن هذا الهجوم مع غارات شنتها القوات الحكومية على نقاط تفتيش أقامها الثوار حول المرفأ النفطي في المدينة، فيما سجلت حركة نزوح لافتة للسكان باتجاه الشرق، تحسباً لمعارك ضارية قد تشهدها المنطقة خلال الساعات المقبلة.

وذكر شهود عيان في رأس لانوف أن الثوار ما زالوا يسيطرون على المدينة، لكنهم اتخذوا خطوات ميدانية احترازية، من بينها الانسحاب من النقاط المكشوفة للطيران، وإخفاء الأسلحة في الصحراء.

وبدت الهجمات المضادة محاولة من قبل القوات الحكومية لوقف التقدم السريع للثوار على محور رأس لانوف ـ بن جواد، ومنعهم من تحقيق انتصار ميداني ومعنوي كبير في حال نجحوا في الوصول إلى مدينة سرت مسقط رأس القذافي. وبرغم ذلك، شدد الثوار على أنهم ماضون في التقدم غرباً بمجرّد وصول التعزيزات العسكرية من الشرق، موضحين أن انسحابهم من بن جواد وإخلاءهم مناطق أخرى في رأس لانوف كانا بهدف تجنب تعرضهم للقصف الجوي.

أما على الجبهة الغربية، فأشار شهود عيان إلى أن المواجهات في مدينتي الزاوية (40 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس) ومصراتة (200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس) بدت، أمس، أقل ضراوة مقارنة باليومين الماضيين، عندما حاولت القوات الموالية للقذافي استعادتهما من الثوار.

وفي خطوة تعكس المأزق الذي يواجهه القذافي، ناشد رئيس الوزراء الليبي الأسبق جاد الله عزوز الطلحي، وهو عضو بارز في النظام، المعارضين بدء حوار من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع.

وظهر الطلحي على التلفزيون الحكومي وهو يقرأ كلمة موجهة لشيوخ القبائل في بنغازي، طالباً منهم منح فرصة للحوار الوطني وحل الأزمة والمساعدة في وقف إراقة الدماء وعدم منح الأجانب فرصة لاحتلال البلاد ثانية، من دون أن يشير إلى أي تنازلات قد يكون القذافي مستعداً لتقديمها.

لكن المجلس الوطني الانتقالي، الذي شكله الثوار في بنغازي، رفض هذه الدعوة، مشدداً على أنه ليس هناك مجال لحوار موسع مع النظام قبل تنحي القذافي. وقال المسؤول في المجلس الوطني أحمد جبريل إنه على معرفة وثيقة بالطلحي، وإنه شخصية محترمة في ليبيا، لكنه أوضح أن المحتجين يرون أن أي مفاوضات يجب أن تكون على أساس تنحي القذافي، مشيرا إلى أنه ليست هناك أي تسوية أخرى.

إلى ذلك، وجه القذافي، في مقابلة مع محطة ’فرانس 24’، تحذيراً غير مباشر للدول الأوروبية التي تعتزم تشديد العقوبات على نظامه. وقال القذافي إن ليبيا ’تلعب دورا أساسيا للسلام العالمي والإقليمي’، وإنها ’شريك مهم في قتال (تنظيم) القاعدة’. وأضاف ان هناك ’الملايين من السود الذين قد يزحفون عبر البحر المتوسط إلى أوروبا وإيطاليا وفرنسا. واستقرار ليبيا يجعل هناك استقراراً في البحر المتوسط’.

ونفى القذافي أن تكون قوات الأمن الليبية أطلقت النار على الأبرياء، مجدداً القول ان أعمال العنف هي من تدبير تنظيم ’القاعدة’.

من جهته، قال الساعدي القذافي، ابن الرئيس الليبي، في مقابلة مع قناة العربية إن ’ما يجري في ليبيا فتنة’، مشيراً إلى أن ’القبائل المسلّحة تنتظر إشارة من العقيد القذافي’ للدفاع عنه.

وأشار الساعدي إلى أن والده يعتبر أن ’تنحّيه عن السلطة سيؤدي إلى حرب أهلية’، محذراً من أن ’غياب والدي عن الصورة سيجعل ليبيا كالصومال’.

في هذا الوقت، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما ان الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يبحثان خيارات عسكرية في ما يخص الوضع في ليبيا. وقال أوباما، عقب محادثات مع رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا جيلارد في واشنطن، «في هذه الأثناء فإن حلف الأطلسي يجري حاليا مشاورات في بروكسل حول مجموعة واسعة من الخيارات المحتملة، من بينها الخيارات العسكرية الممكنة للرد على العنف غير المقبول في ليبيا». وأشار اوباما إلى أنّ معاوني القذافي يجب أن يحاسبوا على أي أعمال عنف قد يتورطون فيها في إطار قمعهم للانتفاضة ضد القذافي، معلناً عن مساعدات أميركية إضافية بمبلغ 15 مليون دولار للجهود الإنسانية على خلفية الأزمة في ليبيا.