بعد أن أشبعت قوات القذافي ومرتزقته قتلا وتنكيلا بجرحى وقتلى ثوار مدينتي رأس لانوف والزاوية، تحركت الجامعة العربية ’استجابة لدعوات غربية’ لعقد اجتماع عاجل بغرض دراسة الحظر الجوي على ليبيا، غير أن معمر القذافي رفض الدعوات الغربية والعربية للحظر الجوي، وقال سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي ان ’بلاده لم تعد ترغب بعضوية الجامعة العربية التي علقت مشاركة ليبيا في اجتماعاتها احتجاجا على استخدام العنف ضد المتظاهرين’.

ويعقد مجلس جامعة الدول العربية اليوم السبت اجتماعاً طارئاً على مستوى وزراء الخارجية العرب لمناقشة تطورات الأوضاع فى ليبيا، ويأتي استجابة لتصريحات غربية اكدت ضرورة التأييد العربي لفرض حظر جوي على ليبيا، أمام اعلان دول مجلس التعاون الخليجي تأييدها لفرض الحظر الجوي وكذلك العراق.

واعلن مسؤول في الجامعة العربية ان مبعوثي العقيد الليبي معمر القذافي لن يكون مسموحا لهم المشاركة في الاجتماع، وفي الوقت الذي يدعو فيه الغرب الى تدخل عسكري أجنبي، لا تزال الدعوات العربية ترفض التدخل الغربي وتشدد على ضرورة فرض الحظر الجوي.

وفي الوقت الذي استقبل فيه القذافي مبعوثا من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح محملا برسالة لم يذكر محتواها، طرحت صحيفة بريطانية تساؤلا حول السبب الذي يمنع الدول العربية وبخاصة مصر والسعودية من تقديم الدعم العسكري اللازم لثوار ليبيا، والقيام بضربة جوية على مقار القذافي المهمة، خاصة أن العرب يظهرون تعاطفا كبيرا مع الثوار، كما أسقطت بعض الدول العربية شرعية الرئيس القذافي.

وقالت صحيفة ’الديلي تليجراف’ في عددها الصادر اليوم السبت ’إذا كان لابد من استخدام القوة ضد القذافي فإن السلاح الجوي لكل من السعودية ومصر بأكثر من قادر على أداء هذه المهمة بدلا من سلاح الجو البريطاني والقوات المنهكة أصلا من كثرة الحروب’.

وأضافت الصحيفة في موضوع بعنوان ’كاميرون يجب أن يكون أكثر حرصا حول ليبيا’ إن:’ العالم العربي يرتاب في المهام الإنسانية الغربية، إذا فليستخدم هو قدراته العسكرية التي حصل عليها من حلفائه الغربيين مقابل ثمن باهظ الثمن ليخلص العرب مثله من أزمة عربية بامتياز ، ولم يصدر من السعودية او من مصر اعترافا بالمجلس الانتقالي للثورة الليبية حتى الآن في الوقت الذي اعترفت به فرنسا.’.

وعلى صعيد آخر سعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الى تكثيف ضغوطهما على العقيد القذافي، للتنحي، وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما ان ’على العالم واجب منع أي مذبحة للمدنيين في ليبيا مماثلة لتلك التي وقعت في رواندا والبوسنة في تسعينيات القرن الماضي’.

أوباما أكد ’ان بلاده ستتخذ مجموعة واسعة من الإجراءات للتأكد من ترك القذافي السلطة، وإنه عين مبعوثا لاجراء مشاورات مع المعارضة الليبية’، وأضاف في مؤتمر صحفي أمس الجمعة أنه ’يتعين على القذافي ان يرحل وسنعمل مع المجموعة الدولية لتحقيق هذا الهدف’.

واوضح ان واشنطن تبحث عن دعم اقليمي لفرض حظر جوي على ليبيا، مشيرا في الوقت نفسه الى ان ’المجتمع الدولي متحد لفرض العقوبات على القذافي وكل الخيارات مطروحة بما فيها استخدام القوة’.

وفيما يختص بالوضع الميداني في ليبيا أعرب اوباما عن قلقه قائلا إن ’القذافي يملك مخازن للاسلحة, ولديه ليس فقط بعض القوات التي لا تزال موالية له, ولكن توجد كذلك تقارير بانه يوظف مرتزقة’.

وأضاف أن على العالم ان يحاول ’تغيير التوازن’ عسكريا في ليبيا وكذلك في اوساط المقربين من القذافي. الا ان اوباما لم يكشف عن ما اذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها فكروا في تسليح قوات المعارضة الليبية.

وألمح اوباما إلى أن القوات الدولية يمكن ان تتحرك ’في حال اصبح خطر وقوع مجزرة بين المدنيين وشيكا’، علما أن الثورة اندلعت منذ السابع عشر من شباط الماضي، واضاف ان وقف عمليات قتل المدنيين هي احد الاسباب التي دفعت الغرب الى القيام بمراقبة جوية متواصلة فوق ليبيا.

وسقط ستة قتلى و50 جريحا من الثوار في معارك راس لانوف أمس.

بدورهم تداعوا قادة دول الاتحاد الاوروبي اثر اجتماعهم في قمة طارئة في بروكسل، على وجوب تنحي القذافي فورا، وقالوا انهم كثفوا اتصالاتها مع المعارضة في ليبيا، لكن لم يشر قادة الاتحاد في بيانهم الختامي الى فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا.

وقال رئيس الاتحاد الاوروبي هرمان فان رومبو ان قادة الدول الاوروبية دعوا القذافي ونظامه الى الرحيل ’بدون تأخير’ ونددوا بالعنف المرتكب ضد المدنيين.

واوضح متحدثا للصحافيين بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقد بشأن ليبيا في بروكسل ’ينبغي على القادة الحاليين (في ليبيا) أن يتركوا السلطة بدون تأخير’، واعتبر رئيس الاتحاد الاوروبي ان ليبيا ’على شفير حرب اهلية’.

وقال الاتحاد الاوروبي انه يدرس كل الخيارات لحماية المدنيين في ليبيا بما فيها الخيار العسكري.

واعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجمعة ان بلاده وبريطانيا مستعدتان للمشاركة في توجيه ’ضربات محددة الاهداف’ ضد القوات الموالية للقذافي خصوصا اذا قامت هذه الاخيرة باستخدام ’اسلحة كيميائية’ ضد السكان، لكن هذا الموقف الفرنسي البريطاني المشترك يقلق عددا من الدول الاوروبية, من بينها المانيا.

فقد شددت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل على ضرورة ان تملك اوروبا صوتا موحدا حيال ليبيا, فيما دارت خلافات حول دعوات باريس ولندن الى بحث احتمال التدخل عسكريا.

وتجمع الدول الأوروبية ايضا على تعزيز المساعدات الانسانية للنازحين, في الوقت الذي وصل عدد الفارين من العنف في ليبيا الى 250 الفا منذ منتصف فبراير/شباط الماضي, وفقا للامم المتحدة.

كما يعتزم الاتحاد الاوروبي تجميد الاصول الليبية في قطاع النفط والغاز الاستراتيجي لليبيا.

وفي تطورات ميدانية قال مصطفى الغرياني وهو مسؤول إعلامي للثورة أن ثوار ليبيا في راس لانوف والبريقة واصلوا الكر والفر في ظل القصف العنيف الذي وصفه بأنه ’مظهر لفلسفة القذافي بأنه إذا لم يتمكن من حكم المدينة فسوف يحرقها’.

وكانت فرنسا وبريطانيا تدفعان باتجاه الاستعداد لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، ويتم البحث حاليا في مسودة مشروع قرار يقدم الى الامم المتحدة بهذا الصدد.

وما زالت دول اخرى تتخذ موقفا حذرا بالنسبة لليبيا، ولم تعترف اي دولة حتى الآن بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي ممثلا شرعيا لليبيا، باستثناء فرنسا وقد أعلن وكيل وزارة الخارجية الليبي خالد الكعيم في مؤتمر صحافي مساء الجمعة ان ليبيا قررت ’تعليق’ علاقاتها الدبلوماسية مع فرنسا, بعد اعتراف باريس بالمجلس الوطني الانتقالي.

من جهة اخرى قال الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون إن المبعوث الجديد للامم المتحدة الى ليبيا عبد الاله الخطيب سيتوجه الى طرابلس الاسبوع المقبل لمناقشة القلق الدولي بشأن الحملة التي يشنها القذافي ضد المحتجين على نظامه.

وقال بان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المبعوث الجديد ’لقد اصدرت توجيهاتي للخطيب بان ينقل باوضح العبارات قلق الامم المتحدة والمجتمع الدولي كما اعرب عنه مجلس الامن الدولي’.

وأضاف ان الهدف من الزيارة هو تقييم الوضع الميداني واجراء مشاورات هامة مع السلطات الليبية حول ’الوضع الفوري للخطط الانسانية والسياسية والامنية’.

ودعا الأمين العام مجددا إلى وقف العنف والسماح بوصول المساعدة الانسانية إلى محتاجيها ومحاسبة المسؤولبن عن العنف ضد المدنيين.

وفي اجتماع لرؤساء الدول الافريقية يوم الخميس قال رمضان العمامرة مفوض لجنة السلم والامن التابعة للاتحاد الافريقي ان الاحداث في ليبيا بحاجة الى ’نشاط افريقي عاجل’ لانهاء المعارك.

ورفض الاتحاد الافريقي أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا حيث تقاتل قوات الزعيم الليبي معمر القذافي المحتجين المطالبين بانهاء حكم القذافي المستمر منذ 42 عاما