دمشق – سورية الغد

يطرح غياب الإعلام السوري الرسمي والخاص على السواء عن الاحتجاج الذي شهده سوق الحميدية بالأمس أسئلة عن الهدف من هذا الغياب أو في أحسن الأحوال الحضور المرتبك الذي عكسه عدد قليل من المواقع الالكترونية أو حتى صحيفة الوطن. ليتحول ملايين السوريين إلى الفضائيات والمواقع الإلكترونية غير السورية لمتابعة حدث نال من التضخيم في واقع الأمر أكثر بكثير مما جرى.

وإذا كان الخط العريض للحدث الذي تقاطعت عنده وسائل الإعلام وشهود العيان يتكثف بخروج عشرات المتظاهرين إلى الشارع في سوق الحميدية ومنطقة الحريقة مرددين شعارات تطالب بالإصلاح ..إلا أن التغطية تباينت بشدة لدرجة ضيعت المعلومة وكانت تستوجب بالفعل تعليقا من الإعلام الرسمي وتقديم الخبر كما هو كي لا يضيع المشاهد بين فضائيات لم تقدم شيئا سوى تحليلات مع تكرار لصور على ’اليوتوب’ لم تتجاوز مدتها الدقيقة الواحدة وهي بالتأكيد بالغت وربما شوهت، ما جرى وجيرته باتجاهات بعيدة تماما عما جرى.

التعامل مع الحدث بمهنية وموضوعية يخدم السياسة السورية أكثر من تجاهله. ومن غير المفيد نفي الحدث وبالتأكيد عدم ترك الفضاء لفضائيات أبرزها / المشرق/ لشن حملة وإطلاق شائعات من قبيل حدوث إطلاق نار في حلب وعن احتجاجا آخر سيجري عند ساعات العصر ما يوضح أن التغطية بعيدة كل البعد عن الإعلام ولها أجندات أخرى .

التغطية التي تولتها بعض المواقع الالكترونية أيضا لم تكن بالمستوى، وبدا واضحا الارتباك وعدم الحصول على قصة متكاملة لما حدث ويظهر ذلك أساسا في التباين بين ما قدمته الروايات المختلفة لتجمع من عشرات المتظاهرين. وحتى ربط الرواية بشهود العيان لم يفد كثير في تقديم الصورة التي غلب عليها التحليل والمقدمات والاستنتاجات كما في رواية موقع الوطن اون لاين ونشرته الصحيفة أيضا. فيما اقتصرت رواية مواقع الكترونية أخرى على ذكره تجار في الحريقة تصدوا للمتظاهرين ،وما نقله وكالات ووسائل إعلام عالمية !! .

تفرض مثل تلك التجربة على الإعلام الرسمي التعاطي مع حدث التظاهر أو الاعتصام كما أي خبر أخر بل على العكس ربما تفرض تلك التحركات تعاطيا أكثر موضوعية وشفافية كي يجد الملايين مصدرا موثوقا للاستماع منه وليس تركهم عرضة لعشرات المصادر وكثير منها له حساباته وأجنداته التي لا تخدم سورية والسوريين.