تعامل نظام الرئيس الليبي معمر القذافي، أمس، مع الاستعدادات الغربية للتدخل العسكري باعتماد مناورة سياسية وميدانية، اذ سارع إلى الإعلان عن قبول جزئي بالقرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي مساء أمس الأول، عبر إصداره قراراً بوقف إطلاق النار، مطلقاً في الآن ذاته هجوماً كاسحاً باتجاه معقل الثوار في بنغازي، في ما بدا محاولة لكسب الوقت، قبل أن تكتمل حلقات الائتلاف الدولي، ذي الغطاء العربي، لشن أولى الضربات الجوية، التي بدأ التحضير لها، والتي باتت متوقعة بين يوم وآخر.
وواصلت قوات القذافي هجماتها ضد الثوار بالرغم من إعلان الحكومة الليبية وقف إطلاق النار صباحاً، إذ حاولت الكتائب الأمنية اقتحام معاقل المعارضة من زنتان غرباً إلى أجدابيا شرقاً، فيما أمطرت مدينتي مصراتة ونالوت بوابل من القذائف والصواريخ.
إلى ذلك، توعد الرئيس الأمريكي باراك اوباما الجمعة بعمليات عسكرية إن لم يمتثل القذافي لقرار مجلس الامن، فيما أعلن مصدر دبلوماسي اوروبي ان طائرات فرنسية وبريطانية يمكن ان تطير فوق ليبيا، قبل محادثات مقررة اليوم السبت في باريس لبحث الخطوات ضد ليبيا.
وقال اوباما ’لدينا كل ما يشير الى ان القذافي كان ليرتكب فظائع بحق شعبه لو لم يوضع له حد’، مضيفا ’كان ليموت الالاف، وكانت ازمة انسانية لتنشأ’.
واشار الرئيس الامريكي الى ان بلاده لن تنشر اي قوات برية في ليبيا وان التحرك الامريكي سيتركز على الحاجة لحماية المدنيين.
من جهتها قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الجمعة، ان الجهود الدولية ضد الزعيم الليبي تستهدف اسقاطه، لكن التحرك سيكون ’خطوة بخطوة’ ويبدأ بوقف العنف ضد المدنيين.
وهونت كلينتون من شأن إعلان ليبيا وقف اطلاق النار بعد صدور قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس يسمح باتخاذ اجراءات مشددة جديدة ضد قوات القذافي، وقالت ان على القذافي ان يتنبه لحقيقة الوضع. وقالت ’سوف لن نستجيب او نقتنع بالكلمات. يجب ان نرى افعالا على الارض وهذا لم يتضح ابدا. سوف نواصل العمل مع شركائنا في المجتمع الدولي للضغط على القذافي كي يرحل ولدعم الآمال المشروعة للشعب الليبي’.
وواصلت فرنسا الضغط على معمر القذافي الجمعة، ومضت قدما في خطط لتدخل عسكري مشترك، رغم اعلان حكومة الزعيم الليبي وقفا لاطلاق النار في هجماتها على قوات المعارضة. وقالت حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي انها ستستضيف في محادثات اليوم السبت، رئيس المجلس الاوروبي ومسؤولين من الجامعة العربية وممثلين كبارا من كل الدول الراغبة في دعم تدخل بتفويض من الامم المتحدة في ليبيا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الجمعة، ان كل شيء معد لشن ضربات عسكرية في ليبيا، وان وقف اطلاق النار الذي اعلنه معمر القذافي يجب ان يشمل البلاد بكاملها.
وبحث ساركوزي ايضا الوضع في ليبيا اثناء محادثات في قصر الاليزيه مع امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي قال ان بلاده قد تشارك في العملية.
الى ذلك حذر تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي من ’التحركات المشبوهة’ للولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي في ليبيا، داعيا الليبيين الى الاعتماد على قوتهم الذاتية وعلى الاسلام، الذي يشكل ’بعد الثورات الروحي ومصدر قوتها’، على ما جاء في تسجيل صوتي جرى بثه على الانترنت.
وجاء في التسجيل المنسوب الى ’الشيخ ابو مصعب عبد الودود’، الذي وجهه الى ثوار ليبيا ’ان معركتكم التي تخوضونها اليوم مع الطغاة هي نفسها معركتنا بالامس واليوم، فاخوانكم المجاهدون ولسنوات عديدة ظلوا يقارعون هؤلاء الطغاة ويصدون الحملة الصلبيبية الجديدة’. واضاف ’كان من ثمرات ذلك هزيمة رأس الكفر امريكا وحلفائها وتراجع دعمهم لعملائهم الذي بدأوا يتساقطون اثر ثورة المسلمين عليهم’.