خيم الهدوء الحذر على درعا أمس، فيما استمرت عملية التفاوض بين وفد رسمي يمثله عضوا قيادة حزب البعث هشام الاختيار وأسامة عدي، وبين مجموعة من وجهاء المدينة، وتركزت كما يبدو على تنفيذ بعض المطالب في مقابل إنهاء الاحتجاجات، فيما أقام الجيش السوري حاجزا عند مدخل درعا كان عناصره يسمحون بدخول المدينة بعد التدقيق في هويات الوافدين.

وكانت الاحتجاجات امتدت أمس من محافظة درعا إلى بلدة جاسم ومدينة انخيل.

وفي جاسم وهي بلدة زراعية على مسافة 30 كيلومترا غرب درعا ردد المتظاهرون هتافات تقول ’سلمية سلمية’ و’الله.. سورية.. الحرية’، وافاد احد الشهود بحسب وكالة فرانس برس أن المدينة شهدت تظاهرة شارك فيها المئات، رفعوا صورة القتيل الذي سقط في درعا واطلقوا هتافات مثل ’ما في خوف ما في خوف’ و’سلمية سلمية’، في اشارة الى ان تظاهرتهم سلمية، و’بالروح بالدم نفديك يا شهيد’.

كما تجمع بضع مئات من الأشخاص في مدينة انخيل الواقعة على بعد 40 كلم من درعا، حيث هاجموا مقر الشرطة وخربوه وهم يطلقون هتافات.

وفي درعا اصطف مئات من رجال الشرطة يحملون الكلاشنيكوف على جانبي الطرق، لكنهم لم يدخلوا في مواجهات مع المشاركين في جنازة رائد القدرة (23 عاما) وهو متظاهر قتل في درعا.

وردد المشيعون هتافات تقول ’الله سورية الحرية والشعب يريد إسقاط الفساد’. وتجمع المعزون في وقت لاحق في المسجد العمري في الحي القديم في درعا.

وكان المشيعون تجمعوا في أحد مساجد المدينة، وفي محيطه، حيث دعاهم إمام المسجد الشيخ أحمد قيانصة، عبر مكبرات الصوت، إلى عدم ’القيام بأي عمل تخريبي’.

وحث قيانصة المشيعين، الذين تراوح عددهم بين 3 و4 آلاف شخص، على المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة والاعتصام داخل ساحات المسجد فقط. وقال ’مطالبنا سلمية. نحن نطالب بمحاربة الفساد، ونحن مع الرئيس بشار الأسد’.

وذكرت صحيفة السفير اللبنانية في عددها الصادر اليوم أنه و’بعد الجنازة انقسم المشيعون مجددا، فواجهت قوى الأمن مع فئة من الوجهاء مجموعة أخرى من المحتجين التي قذفت قوى الأمن بالحجارة، فردت الأخيرة بقنابل مسيلة للدموع’.

وأصيب نحو 30 شخصاً بحالات إغماء خلال الصدامات بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين شاركوا في تشييع جثمان الكراد.

ووضعت القوات الأمينة نقاط تفتيش عند مدخل درعا لفحص بطاقات الهوية. وذهب وزير العدل السوري محمد أحمد يونس إلى مقر البلدية في محاولة لتهدئة المشاعر وفتح حوار مع المحتجين.

وفتحت قوات الأمن النار يوم الجمعة الماضي على مدنيين شاركوا في مظاهرة سلمية في درعا، مطالبين بالحريات السياسية وإنهاء الفساد والإفراج عن 15 من التلاميذ الذين اعتقلوا لكتابتهم شعارات احتجاج على الأسوار. وقتل أربعة أشخاص أثناء الاحتجاجات.

وأطلقت السلطات سراح الأطفال أمس الاثنين في بادرة كانوا يأملون ان تنزع فتيل التوترات في البلدة الحدودية التي شهدت المزيد من الاحتجاجات بعد يوم الجمعة.

وطالبت شخصيات محلية بارزة بالإفراج عن السجناء السياسيين وتفكيك مقر الشرطة السرية في درعا، وعزل المحافظ وإجراء محاكمة علنية للمسؤولين عن القتل، وإلغاء اللوائح التي تتطلب الحصول على تصريح من الشرطة السرية لبيع أو شراء ممتلكات.

ونددت فرنسا الاثنين باستخدام العنف ضد المتظاهرين في سورية وطالبت باطلاق سراح كل الاشخاص الذين اعتقلوا خلال الايام القليلة الماضية لمشاركتهم في التظاهر.

ويطالب المتظاهرون بمزيد من الحرية والديمقراطية في بلد يشكل الفقراء فيه نحو 14 في المئة من السكان البالغ عددهم 22 مليونا.

من جهتها قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا أن أهالي محافظة درعا عبروا عن ’رفضهم واستهجانهم لأفعال بعض مثيري الشغب بقيامهم بالاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة والمؤسسات الخدمية من مشاف ووسائل نقل ومراكز إسعاف’.
واعتبر عدد من الوجهاء وممثلي الفعاليات الاجتماعية والدينية ومختلف شرائح المجتمع بحسب الوكالة الرسمية ’إن ما قام به مثيرو الشغب من تخريب للممتلكات العامة والخاصة وبث الذعر بين المواطنين يتناقض مع المطالب التي رفعوها مؤكدين أن تلك الافعال التخريبية مدانة ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن قيم وتقاليد أبناء المحافظة الحريصين على أمن الوطن ورفض أي محاولة لاثارة الفوضى والعبث بالامن العام والنيل من تماسك المجتمع’.

وندد المرصد السوري للدفاع عن حقوق الانسان بـ’مواصلة سياسة الاعتقالات الاعتباطية’، ودعا الحكومة السورية إلى ’إطلاق سراح كل محتجزي الرأي على الفور’.

كما دانت منظمة ’هيومن رايتس ووتش’ ’الاستخدام المفرط للقوة’ من قبل قوات الامن في سورية