الكاتب : نضال الخضري

هي نوع من الشطحات التي نقرؤها أحيانا في كتب التراث، لكنها تبقى داخل التاريخ كنوادر تضحكنا أحيانا أو تدفعنا لتحليل الماضي ونحن نعيش الحاضر، لكن أن تظهر في الإعلام المعاصر فهي لا تدهشنا بل تصفعنا لأننا نعرف أن الحرية هي دون "المذاهب" و "الطوائف"، وربما لم يدرك القرضاوي أن يتحدث عن "دماء سورية"، وعن احتمالات في زمن الأزمة، فهذه الاحتمالات خطرة لأبعد الحدود، لكن قيادة الثورات من خلف المنابر البعيدة تشبه التنجيم فهل كان القرضاوي ينجم؟!!

تعرفنا على القرضاوي بطلا في إصدار الفتاوى داخل زمن صامت، وربما عليه أن يصمت في زمن الكلام لأنه بطل الصمت الذي يشرع لحالات هو نفسه غير قادر على التعامل معها، وهو يقوم بما يشبه "إعلان الجهاد" من قبل السلطان عبد الحميد بعد ان أصبحت الخلافة أقل من رمز، فالثورات انطلقت دون أن تستشيره، وسارت باتجاه ميدان التحرير لتقيم أكبر قداس وصلاة دون أن يكون فيها، فأبطال الصمت هم أكثر الناس قدرة على سرقة إنجاز الآخرين.

لنا أن نحلم بالزمن القادم دون القرضاوي، ولنا أن نفكر بالغد فنصلي ونبتهل للخالق دون أن تصبح "العمامة سيفا بل طيفا يدفعنا نحو الشفافية بدلا من الحقد، ولنا أن نخلق الدولة دون وصاية من نصب نفسه "خليفة" فيرسم "حال الأمة" في مقاربة لتقليد أمريكي يتحدث فيه رئيس منتخب عن "الأمة الأمريكية" ولكن من انتخب القرضاوي ليصبح ناطقا باسم السوريين.

في الغد نبحث عن الحرية، ونتذكر كل من سقط في الحروب أو في مساحة الصراع عن الحرية، ونرسم الرموز التي بقيت من أجل أن يصبح الإنسان هو الرمز النهائي، دون خوف من سلطة سياسية أو حتى دينية تريد أن تصبح سلطة دنيوية، فعندما يصفعنا "القرضاوي" ونحن في ذروة القلق وفي لحظة البحث داخل الأزمة فهو يريد أن نوقف كل الألوان التي تشتعل أمامنا فتدفعنا للحلم أو لإبداع الأمل في حياة أجيالنا.

أحاول أن أترجم الصور التي رافقتنا على امتداد أسبوعين، فيخطفها "الشيخ" مني، لكنني أضمها إلى صدري فيخفق قلبي بأمل في صورة الشباب الذي ينتظر في كل لحظة أمر يلتقطه وفعلا ينطلق عليه، ففي سورية هناك الكثير مما يمكن العمل عليه لكنه لن يكون مجرد تخمينا يطلقه "القرضاوي" أو غيره، ونستطيع أن نشاهد رغم القلق الذي يساورنا أفقا جديدا يجعلنا أقوى وأكثر قدرة على رسم المستقبل، فهل يستطع شخص واحد سرقته؟!

أتابع شبكات التواصل الاجتماعي وأعرف أننا أمام واقع غير مسبوق وغير نمطي، فلماذا يريد القرضاوي أن "ينمط" الحاضر والمستقبل على سياق فكره المحدود بتاريخ ينتهي في القرن الرابع الهجري... لا أعرف... لكنني أدرك أن الحرية لن تكون أبدا كما يريدها هو أو من يحاول أن يسرق الفعل السوري مهما كان مصدره من المجتمع أو من الدولة، فنحن أولى ببلدنا منه.