يلف غموض شديد المشهد اليمني بكامله وسط أنباء تتحدث عن تسليم الرئيس علي عبد الله صالح السلطة، وأخرى تتحدث عن رفضه للضغوطات التي تمارس عليه من أطراف محلية ودولية لتسليم السلطة بشكل آمن وسلس، بهدف تجنيب البلاد الانقسام، إلا أن كافة أطراف الحياة السياسية في البلاد بمن فيها الرئيس صالح نفسه وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم صارت مقتنعة بأهمية التغيير، لكن السؤال هو كيف سيتم تسليم السلطة ولمن ومتى؟
وسرت خلال الساعات القليلة الماضية أنباء متضاربة بشأن وساطة يبذلها عدد من الأطراف المحلية والخارجية لصيغة تتفق عليها الأطراف كافة، يسلم خلالها الرئيس صالح السلطة لنائبه عبدربه منصور هادي أو أي شخصية أخرى تحظى بقبول من الأطراف كافة، على أن يصدر بها قرار جمهوري. شجع ذلك التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي الذي أمل أن يتم التوصل إلى اتفاق لتسليم السلطة، لكن ضمن النقاط الخمس التي أعلنها الرئيس صالح في آخر مبادرة له، والتي قال إنها نقاط قدمتها المعارضة بمثابة ’خريطة طريق’ لتسليم السلطة.
وسادت أجواء من عدم التفاؤل أوساط السياسيين بعد الخطابين الناريين اللذين ألقاهما الرئيس صالح بعد اجتماع عقده الأربعاء في منزل نائبه مع القائد العسكري المنشق عنه، وهو الأخ غير الشقيق له اللواء الركن علي محسن الأحمر، الأول في مجلس الدفاع الأعلى والثاني أمام مئات الآلاف الذين احتشدوا في جمعة ’التسامح’، وأكد فيهما أن نوايا انقلابية هي التي تحرك الأمور في البلاد، مشدداً على أن مطالب المعارضة بتنحيه سريعاً تكشف نية مبيتة من قبلها بتفجير حرب أهلية في البلاد، بل إنه قال إن تسليم السلطة لا بد أن يتم عبر صناديق الاقتراع.
وجاءت تصريحات وزير الخارجية القربي التي أمل فيها بقرب التوصل إلى اتفاق سلمي بنقل السلطة أمس السبت لتعطي المسألة بعداً إضافياً متفائلاً، عندما قال إن ’الإطار الزمني لهذا الانتقال أمر يمكن التفاوض عليه، وأنه يجب ألا يكون عقبة أمام التوصل إلى اتفاق’.
لكن القربي نفسه عاد ونفى صحة ما نقل على لسانه، وقال إنه تم اجتزاء ما قاله لوكالة ’رويترز’ من خلال إشارته إلى أن انتقال السلطة لا بد أن يأتي ضمن مبادرة النقاط الخمس التي أعلن عنها صالح قبل أيام، وهي مضمون مبادرة سابقة لأحزاب المعارضة، التي تتحدث عن نقل السلطة في فترة زمنية لا تتجاوز نهاية العام الجاري.
أما صالح فإنه في الوقت الذي كان يتحدث فيه الوسط السياسي علناً ومن خلف الكواليس عن تسليمه السلطة خلال ساعات أو أيام أو حتى أشهر؛ فإنه أرسل إشارات جديدة في لقاء جمعه بعدد من مشائخ بني الحارث أكدت ثباته على موقفه من خلال تمسكه بالشرعية التي حصل عليها من الشعب، ما فسر بأنه متمسك ببقائه في السلطة حتى نهاية ولايته الرئاسية الممتدة حتى منتصف عام 2013 عندما قال: ’الشرعية ثابتة وصامدة أمام التحديات، ولا يمكن أن نسمح لأقلية قليلة أن تتغلب على الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني، فأبناء الشعب اليمني يبحثون عن الأمن والأمان والاستقرار’.
كما أكد أن ’الوطن بحاجة اليوم إلى الصمود ورباطة الجأش لتجاوز الأزمة التي تمر بها بلادنا في إطار تلك الموجة التي تشهدها المنطقة’.
بل إنه طمأن مناصريه من خلال قوله: إننا صامدون راسخون رسوخ الجبال، ولن تهزنا بأي حال هذه الأحداث، فلقد واجه شعبنا في الماضي العديد من التحديات وتغلب عليها، وسوف يخرج من هذه الأزمة أكثر قوة وعزيمة.
من جهة ثانية نفت مصادر مقربة من الرئاسة اليمنية وجود ضغوط سعودية وأمريكية لحث الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي المبكر عن السلطة، مشيرة إلى أن الموقف الأمريكي والسعودي من الأزمة القائمة في اليمن تمثل في الدعوة إلى تقريب المواقف ووجهات النظر والتشديد على ضرورة تجنب انزلاق البلاد إلى دوامة العنف.
إلى جانب ذلك كشف الشيخ حسين الأحمر، رئيس مجلس التضامن الوطني عن موافقة اللواء علي محسن الأحمر على الاستقالة من منصبه الحالي كقائد للمنطقة الشمالية والغربية، والتنحي المتزامن مع خروج الرئيس علي عبد الله صالح من السلطة، وذلك نزولاً عند اشتراط صالح الذي ربط تخليه عن السلطة وتنحيه عن الحكم باستقالة وتنحي اللواء علي محسن الأحمر عن أي منصب عسكري والخروج معه غداة تنازله عن السلطة.
من جهتها رفضت المعارضة الحديث عن قضية تسليم السلطة وإجراءات نقلها، وما يتعلق بتفاصيل المبادرات العديدة التي تتداولها المنتديات والنخب السياسية ووسائل الإعلام المعارضة والمستقلة. ونقل عن الناطق الرسمي للقاء المشترك محمد قحطان قوله إن المعارضة سترحب بأي أشخاص يسلم لهم صالح السلطة كما وعد في خطابه يوم الجمعة، بشرط ألا يكونوا من أسرته.