الكاتب : ربى الحصري

من يعيش في الخارج يعرف تماما أن الصورة السورية تملك اتجاها واحدا، فالمحللون يصرون على أن المسار السياسي لا يحمل معه تبدلات حقيقية فهناك ربط واضح بين شكل الحكم والبنية المغلقة حسب تعبير بعض من السياسيين الغربيين، وبالتأكيد فالأمر بالنسبة للإعلام البريطاني تحديدا يقع في نفس الطريقة التي تسعى لخلق شكل نمطي في السياسات العربية عموما وليس فقط تجاه سورية، وهو امر تقني غايته التوصل إلى نتائج مفهومة للقارئ، بينما يؤدي تفكيك الحدث للخروج عن نمط الإعلام باتجاه عملية البحث العلمي الممنهج.

لكن رغم ذلك فالصورة الحالية بالنسبة الإعلام البريطاني، وتناوله بالتحليل لما يجري سوريا قليل، تبقى عند حدود الخبر ربما لنوعية الهموم التي فرضتها الساحة الليبية، لكنه في المقابل لا يرى في الحدث السوري أمرا يبتعد كثيرا عن مجمل الثورات في الشرق الأوسط، فالتنميط يبقى سائدا، في وقت يبدو أن الوضع السوري يملك "ديناميكيات" مختلفة عن اليمني أو المصري أو الليبي، واختصار هذه "الديناميكيات" يبدو ضروريا بالنسبة للمحللين لأنه يختصر المسافة ما بين الحدث ونتائجه على أرض الواقع، ففي النهاية هناك "تغير" سياسي يمكن أن يحدث، ولكن السؤال كيف وبأي اتجاه؟

الفضائيات أكثر سرعة لكنها تعرض ما يبثه الانترنيت تحت عنوان "التظاهرات"، بينما تقتصر الردود الرسمية على المطالبة بحرية التظاهر، ويبقى نشاط المعارضين في الخارج هو الأكثر غموضا لأنهم يروجون لما يجري إلا أنهم نادرا ما يقدمون "التصور" لمرحلة قادمة، أو حتى للجمعة القادمة فأغلبهم يتحدث بشكل عام ولا يتطرق إلى ما يسمونه حركة الشباب، فمن هؤلاء الشباب وهل يملكون "ورقة" يمكن للإعلام الغربي الاطلاع عليها؟ الكلمة الوحيدة هي الحرية، ويتم استبدالها دائما بمترادفات أو نقائض، لكننا نبقى أمام سؤال واضح: في مصر كان هناك حركة 6 أبريل على سبيل المثال، أما في سورية فهل هناك نفس الحركة؟

استقراء لما يكتب على المدونات لا تتضح معالم حركة معينة، أو ربما من المبكر ذلك، بالتأكيد هناك صفحة للغضب السوري تثير تساؤلات عند "الباحث" أكثر مما تقدم أجوبة، فهي تحمل طابع التحريض، أما المدونات الأخرى فعلى الأقل لا تحمل نفسا بنفس حدة ما يتم تداوله من صور أو مشاهد فيديو.

لا أريد أن أشكك بما يحدث لكني كغيري أحاول أن أفهم وأن لا أغرق فقط بالرواية الإعلامية المطروحة على الفضائيات مهما كان مصدرها، فالمهم أن الحدث السوري يجري بالفعل وأصبح يملك إيقاعا من الدولة أو من المحتجين، لكن السؤال ماذا عن الجمعة القادمة؟ وما هي الأماكن المتبدلة التي ستظهر في احتجاجات حتى ولو كانت محدودة؟ هناك بيئة غامضة تحيط بكل ما يحدث لكنها بالتأكيد غيرت من حركة المشهد السوري.