الكاتب : نجيب نصير
تقع الثقافة الاجتماعية التي يستخدمها الأفراد في تعاملهم اليومي، في مأزقها في حالة واحدة فقط، هي عدم مقدرة هذه الثقافة على النهوض بذاتها، ارتقاء نحو العقل والمنطق بتمظهراتهما الأحدث، حيث لا لغة جديدة، تستطيع أن تعبر عن فهم الاستحقاق أو الثمن المطلوب لقاء خدمات ثقافة اجتماعية مجدية، فتلتبس المسميات والمصطلحات والتعريفات، انطلاقا من حراك ثقافي خلبي، يتميز بعدم مقدرته على تزويج الخبرة مع الخيال (يسمى أحيانا إبداعا أو ابتداعا) في عملية إنتاج الاستحقاقات أو الأثمان لمنتجات محدثة، لذلك يلتبس عليها الماضي في كافة منتجاتها، التي يمكن تسميتها الساقية الجارية أي (أحسن من بلا) قبولا متمططا في الزمن، تعويضا عن النهر الإنتاجي المقطوع ، لتأخذ المسميات موضوعات مختلفة عنها ، كالعلم والثقافة والحقوق وغيرها من الممارسات الإنسانية الاعتيادية، والتي تمارسها المجتمعات بحكم تجمعها أو بحكم استيقاظها صباحا ليس إلا، ناهلة مما تعتبره خبرة كي تستعين به في حياتها الراكدة عن الإنتاج.
للانسداد الحضاري أسباب لا يسأل فيها أحد فهي مجموع متراكم من الأداء الاجتماعي الغث لا يصلح أن يكون ثمنا لأي من السلع ألإنسانية القادرة على تشغيل أو تطوير تكنولوجيا استمرار المجتمعات البشرية واستثماراتها في المكان والزمان، لتطور هذه الثقافات المسدودة تكنولوجيات أخرى يمكن وصفها بالإيجابية بالمعنى الخيري وسلبية بالمعنى الموضوعي ، فالمساعدات التي تقبلها المجتمعات (عينية أو فكرية) ما هي إلا أعمال خير ينظر إليها من لدن الثقافة الاجتماعية المأزومة بالانسداد الحضاري .
يطول شرح وتقدير وتعداد أسباب الانسداد الحضاري ولكننا كلنا بمجموعنا مورطين أو متورطين به، عبر عامل الزمن، الذي يرتب المجتمعات من حيث المنعة حسب أهليتها ، وهنا للثقافة الاجتماعية الدور الحاسم في تجاوز الإنسدادات، فالعيش على الكرة الأرضية يحتاج الى ممارسة الحياة عليها هي بأدوات معرفية تناسبها ، إن كان من حيث الخبرة أو من حيث الخيال ، وتزاوجهما معا ، حيث تستطيع الثقافة الاجتماعية الحية أو المقاومة للانسداد، أن تطالعنا بمنتجات جريئة صباح كل يوم، و قد لا تخضع هذه المنتجات للتقنيات المعتادة، وقد لا تشبه مثيلاتها من استحقاقات الحياة في المجتمع، ولكنها تمتلك شرف المغامرة الإبداعية والتجريب والأهم أنها تمتلك مقدرة التراجع عن الخطأ .