الكاتب : مازن بلال

التعامل مع الوضع في مدينة درعا يبدو الأكثر حساسية، رغم ان الحدث السوري تنقل أمس ما بين قرية البيضا ودمشق وحلب، فاللقاء الذي تم ما بين الرئيس بشار الأسد ووجهاء المدينة، حسب صحيفة الخليج، يشكل نقطة أساسية لإعادة النظر إلى تطورات الحدث السوري وذلك بعد شهر من اندلاع الاحتجاجات التي تطورت في كثير من الأحيان إلى عنف سقط فيه عدد كبير من الضحايا.

ورغم أنه لم ترشح أي معلومات عن لقاء الرئيس مع وجهاء درعا، لكنه يعتبر كسرا للعديد من الاحتمالات التي وضعت المدينة في مواجهة أي حوار يستطيع استيعاب نتائج ما حدث ويسهل دخول القضاء للتعامل بشكل مستقل مع الأحداث التي شهدتها المدينة، لكن هذا الحراك السياسي رافقه تطور يمكن اعتباره "نقطة" في طبيعة الحدث وهو التظاهرة التي شهدتها جامعة حلب، فرغم محدوديتها لكنها تقم أسلوبا جديدا في محاولة نقل حركة الاحتجاج باتجاه الجامعات، على الأخص أن دمشق شهدت أمس أيضا تحركا مماثلا انتهى بشكل سريع، لكن الدخول إلى حرم الجامعة ينقل مؤشرين أساسيين:

الأول أن محدودية التظاهرة وفترتها الزمنية القصيرة لا تعبر عن الصورة الحقيقية لعمق مثل هذا الحدث، لأنه يريد "الإيحاء" بدخول "شريحة الشباب" إلى ساحة الاحتجاج، علما أن كل التحركات السابقة لم تقدم "الوجه السوري الشاب" فهي ليست حركات خاطفة فقط، بل أيضا لا تظهر بشكل معنوي أو فيزيائي، الأمر الذي جعل من "شعاراتها" رموزا مجردة بذاتها، فصحيح أن "الأشرطة" التي تبثها الفضائيات تنقل ملامح للوجوه، لكن في النهاية تبقى مجهولة بالنسبة للمشاهد، وأعذار التخويف لا تبدو مقنعة طالما أننا أمام "حركات احتجاجية" متنقلة أو "واسعة" حسب تعبير بعض الفضائيات.

الثاني أن "حركة الاحتجاج" تريد تسجيل نقاط داخل الخارطة من خلال التنقل ولو بعدد محدود، ونحن نستخدم "حركة الاحتجاج" هنا بتحفظ شديد لأنها متفاوتة بصورها وبرواياتها وحتى بمرجعيتها التي ظهرت عبر وسائل الإعلام، فنحن أمام صور تقليدية ظهرت من خلال تصريحات لعبد الحليم خدام أو غيره ممن شكلوا يوما ما جبهة الخلاص، وفي المقابل هناك النشطاء الذين يظهرون على الفضائيات، وأخيرا أمام من يعتصمون أو يحتجون ولا نعرف بالضبط هل من يظهرون على الشاشات يمثلونهم أم لا، والمشهد الأخير كان في العصابة التي عرض صورها التلفزيون السوري، فأمام هذا المشهد المختلط نحن مضطرون الحديث عن "احتجاج" يحتاج إلى توصيف هويته خصوصا أنه لم يتخذ في أي مرحلة مشهدا شبيها لما جرى في مصر أو تونس أو اليمن أو حتى البحرين، وفي درعا أيضا فإن الإعلام كان يعرفنا على وجهاء ونادرا ما صدفنا تشكيلا خارج السمة التقليدية، رغم أن درعا لها قصة مختلفة تماما.

قبل يوم الجمعة المشهر مازال مختلطا، وأحداث بانياس دفعته باتجاه جديد، حيث تشكل سياق مستقل مرتبط بمسألة التسلح أو حتى "التحركات المسلحة" التي خطت باتجاه مهاجمة الجيش وهو أمر غير مسبوق، مما جعل التحرك السياسي أمرا أكثر من ضروري، لأنه في النهاية الوحيد القادر على خلق فرز حقيقي ما بين المطالب والتخريب، أو ما بين التعبير من خلال الاحتجاج او التظاهر وأعمال الشغب التي نتمنى أن لا تحدث غدا.