الكاتب : حازم خضر
تتجاوز المهام المطلوب إنجازها من الحكومة السورية الجديدة المهام الاعتيادية لأي حكومة في العالم . حجم التركة من حكومة المهندس ناجي عطري والحكومات التي سبقتها وعلى مدى سنين طويلة ، بل وما تم تجاوزه على الدوام من قبل قيادة / البعث/ من إصلاحات سياسية خصوصا تجعل المطلوب إنجازه كبير جدا وقد يتجاوز بالفعل قدرة الحكومة الحالية.
اليوم ينتظر السوريون جميعا ممن خرجوا في الاحتجاجات ومن السواد الأعظم الذي ينتظر مصير عملية الإصلاح بشقها السياسي أداء حكوميا مختلفا يحقق أبسط المطلوب من خدمات يومية ..ويعيد بالفعل الحراك السياسي الغائب عن المجتمع السوري منذ عقود طويلة. فرفع قانون الطوارئ وإصدار قانونين عصريين للأحزاب والإعلام كفيل ، بالتأكيد ،بإطلاق دينامية تعيد الحياة للمجتمع السوري في حال مضت الأمور كما يراد لها وكما وصّفها الرئيس بشار الأسد في كلمته التوجيهية للحكومة يوم السبت الماضي.
كل ذلك منتظر من الحكومة ويضاف إلى مهام مزمنة مرت عليها الحكومات الماضية دون فعل شيء يذكر وفي مقدمتها ضرب الفساد وإعادة الاحترام للمواطن في كل تفصيل من تفاصيل علاقته بمؤسسات الدولة من بلدية ومحكمة ومشفى ومصرف .. وهي مهمة ليست بالسهلة إطلاقا بسبب وجود معيقات من داخل الجهاز الحكومي ذاته وفي مستويات متباينة من القاعدة إلى القمة من جهة ، فضلا عن ترسيخ ثقافة الرشوى لدى شرائح واسعة من المجتمع ما يجعل أي حراك باتجاه ضرب ذلك الفساد يتطلب استئصال ثقافة الفساد ونشر ثقافة الشفافية والمواطنة بشكل كامل.
كل تلك المهام تحضر اليوم ودفعة واحدة في ظل ضغط الشارع الذي يبدو أنه لم يعد ينتظر تحقيق تلك الحزم الواعدة لحاضر ومستقبل سورية ، فضلا عن أن تلك الإصلاحات تحقق في حال تطبيقها أكثر مما طالب به المحتجون أنفسهم على مدى نحو شهر ولا مبالغة في ذلك خصوصا وأن الوعد اليوم برفع حالة الطوارئ في غضون أسبوع والبحث في قانون الأحزاب مباشرة.
تلك المهام تتطلب ما يشبه الحراك المجتمعي رغم حالة الخواء وغياب القوى السياسية المنظمة من جانب، وعزوف النخب عن الخوض في تلك العناوين من جانب أخر .وقد اظهر ذلك تقدم الشارع بخطوات واسعة عن تلك النخب والهياكل الحزبية لمعظم مكونات الجبهة الوطنية التقدمية فضلا عن غياب شبه كامل للمثقفين عما يجري في البلاد .
والحراك المطلوب اليوم يشمل مختلف القوى بما فيها الشخصيات المعارضة وحتى المواطنين العاديين كي تصل العملية الى أفضل قدر ممكن من التطبيق والنجاح . فالوصول الى تطبيق تلك الإصلاحات لم يعد مهمة حكومية فقط رغم الدور الأساسي والمحوري في هذا الجانب بل ثمة أدوار لا بد من لعبها لدى الجميع في استكشاف طريق جديد لم يألفه السوريون بعد ويستحق منهم تحمل المصاعب والضرب بقوة على معيقي الإصلاح وهم كثر بل وربما يشكلون أكثرية داخل الجهاز الحكومي وخارجه.
وفي كل الأحول يجب عدم الإغراق بالتفاؤل بالوصول الى حل لكل مشكلاتنا المزمنة. بل على العكس فإن الوصول الى تحقيق رفع الطوارئ والبدء بمعالجة منهجية للفساد كفيلان لوحدهما بظهور نتائج بالغة الوضوح على معيشة الناس وعلى الاقتصاد الوطني ومحو الصورة السوداوية التي يحاول كثيرون تصويرها عن هيمنة الفاسدين على مقدرات الشعب والدولة السورية.