أقرت الحكومة السورية الجديدة يوم أمس في اول جلسة دورية لها برئاسة عادل سفر مراسيم مشاريع الغاء محكمة امن الدولة وحالة الطوارئ وتشريع قانون جديد يسمح بالتظاهر السلمي، ومع ذلك استمرت المظاهرات والاحتجاجات في مختلف انحاء سورية، تخللها سقوط ضحايا نتيجة صدامات بين قوات الامن والمتظاهرين.
وفي هذا الوقت دعت وزارة الداخلية السورية المواطنين الى الامتناع عن القيام بأي تظاهرات ’تحت اي عنوان كان’ غداة مقتل اربعة اشخاص في تفريق اعتصام في حمص.
وجاء في هذا السياق، إعلان الوزارة بمنع الاعتصام، أمس وفق ما نقلت مصادر رسمية، والتي أشارت إلى ضرورة الامتناع عن القيام بأي مسيرات أو اعتصامات أو تظاهرات تحت أي عنوان كان، مؤكدة أنها ستطبق القوانين المرعية من أجل استقرار البلاد.
وقالت الوزارة، في بيان، إنها ’تدعو المواطنين السوريين في الظروف الراهنة إلى الامتناع عن القيام بأيّ مسيرات أو اعتصامات أو تظاهرات تحت أي عنوان كان’. وأضافت أنها تطلب ذلك من أجل ’المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن، ومساعدة السلطات المختصة في مهامها على تحقيق ذلك»، مؤكدة أن «القوانين المرعية في سوريا ستطبق خدمة لأمن المواطنين واستقرار الوطن’.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن حزمة المشاريع التي أقرتها الحكومة الجديدة تأتي ’من مشروعات المراسيم الاستراتيجية في إطار برنامج الإصلاح السياسي، بما يعزز عملية البناء الديموقراطي وتوسيع مشاركة المواطنين وترسيخ الوحدة الوطنية وضمان أمن الوطن والمواطنين ومواجهة التحديات المختلفة’.
وإضافة إلى المراسيم التي أقرّت، طلبت الحكومة من الوزارات المعنية الإسراع بإعداد مشروع قانون الأحزاب ومشروع قانون الإعلام والإدارة المحلية وعرضها على المجلس للمناقشة في أقرب وقت ممكن.
وناقش المجلس مشروع قانون إحداث برنامج يسمّى برنامج تشغيل الشباب في الجهات العامة الذي يقضي بتوفير 10 آلاف فرصة عمل سنوياً لحمَلة الشهادة الجامعية والمعاهد المتوسطة وتشغيلهم في الجهات العامة، وذلك من خارج الملاكات العددية المحددة لها خلال سنوات الخطة الخمسية.
وتقرر في الاجتماع تكليف وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والعدل والأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إعداد الصيغة النهائية القانونية اللازمة لتنفيذ هذا البرنامج.
وفي إطار توفير فرص العمل أيضاً، قررت الحكومة إلغاء شرط نيل60 بالمئة من معدل التخرج للترشيح للتعيين لدى الجهات العامة. كذلك بحثت وضع آلية تجيز تثبيت المتعاقدين على الشواغر المتوفرة لدى الجهات العامة.
وعقب قرار وزارة الداخلية بمنع التظاهرات، خرج أكثر من 2000 شخص في تظاهرة احتجاج في مدينة بانياس،ونظمت هذه التظاهرة تعبيرا عن رفض سكان المدينة للرواية الرسمية مساء الاثنين، عن قيام ’تنظيمات سلفية’ بـ ’تمرد مسلح’ في بانياس، وكذلك في مدينة حمص اللتين شهدتا في الايام الاخيرة تظاهرات عدة مطالبة بالحرية ورفع قانون الطوارىء.
ووزع في بانياس بحسب وكالة فرانس برس بيان موقع باسم ’اهالي بانياس’ ردا على بيان وزارة الداخلية مساء الاثنين الذي اعتبر ’ان مجريات الأحداث الأخيرة كشفت أن ما شهدته أكثر من محافظة سورية إنما هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية ولاسيما في مدينتي حمص وبانياس’.
وجاء في بيان ’اهالي بانياس’ انهم ’استمعوا إلى بيان وزارة الداخلية بالخيبة والأسف لكونه يمثل أكذوبة جديدة اعتاد الشعب في بلدنا على أمثالها’.
وفي دمشق، أفاد ناشط حقوقي للوكالة بأن نحو 100 طالب من كلية الطب في جامعة دمشق نفّذوا اعتصاماً سلمياً من أجل حقن الدماء في سوريا. وأضاف الناشط أن ’الطلاب اعتصموا لنحو ربع ساعة صباح اليوم قبل تفريقهم من أعضاء في اتحاد طلبة سوريا’. وبث موقع ’يوتيوب’ شريطاً قصيراً قال إنه اعتصام لطلاب في كلية الطب في جامعة دمشق ظهر فيه عشرات الطلاب وهم يرتدون الرداء الأبيض ويحمل بعضهم وروداً.
وفي المقابل، أعلنت السلطات السورية مقتل خمسة عسكريين الاثنين والثلاثاء، بينهم اربعة ضباط بأيدي ’مجموعات مجرمة مسلّحة’.
و نقلت سانا عن مصدر رسمي القول، ’إن ثلاثة ضباط سوريين قتلوا، أحدهم مع عدد من افراد عائلته، ومُثّل بجثثهم’. وذكرت المصادر أن مجموعات المجرمين المسلّحة التي تقطع الطرق وتزرع الرعب والفوضى فاجأت العميد عبدو خضر التلاوي وولديه وابن شقيقه (...) قتلت الأطفال وحاميهم بدم بارد. وأضافت أن غريزة الغاب لديهم لم تكتف بإطلاق النار على الأبرياء بل لجأوا الى تقطيع الأوصال وتشويه الأوجه.
أما الضابطان الآخران فهما ’العقيد معين محلا والرائد اياد حرفوش’، اللذان ’استشهدا في منطقة الزهراء بحمص برصاص المجموعات الإجرامية المسلّحة’، كما قالت الوكالة التي أعلنت أيضاً مقتل عنصرين من الجيش أحدهما ضابط برتبة عقيد برصاص مجموعات مسلحة في حمص.
ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول أن ’مجموعات الغدر والإجرام المسلحة في حمص اقدمت الثلاثاء على ارتكاب جريمة جديدة بإطلاق النار على العقيد الركن محمد عبدو خضور وإصابته في الرأس والصدر وهو متوجه الى عمله، ما أدّى الى استشهاده’. وأشار الى أن ’عصابة الغدر والإجرام لم تكتف بالقتل بل عمدت إلى تشويه الوجه’.
وفي أول تعقيب على قرارات الحكومة، قلّل الناشط الحقوقي هيثم المالح من أهمية إقرار مشاريع المراسيم. وقال لوكالة فرانس برس لم يقر شيء لغاية الآن، لافتاً الى أن الحكومة لها أن تقيم مشروع قانون لعرضه على مجلس الشعب الذي يقوم بإقراره وعندها يصبح قانوناً.
وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، كررت واشنطن مطالبتها السلطات السورية بوقف استخدام العنف ضد المتظاهرين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر إن ’العنف هناك لا يزال يثير قلقاً عميقاً، ومن الواضح أن على الحكومة أن تقرّ بشكل عاجل مزيداً من الإصلاحات وان تتوقف عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين». وأضاف «لقد سمعنا الكثير من الكلام ورأينا القليل من الأفعال’.
وفي لندن، أشاد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ برفع حالة الطوارئ، لكنه اعتبر أنهجزء أولي في رزمة أوسع من الإصلاحات الضرورية.