الكاتب : عامر عبد السلام
خلال عشرين يوم من بداية هذا العام أصدر محافظ ريف دمشق قرارين متناقضين، ينفي أحدهما الأخر وكلاهما تم تنفيذه وبسببهما اعترض أهالي كفربطنا وكادت أن تقع الفأس بالرأس ويذهب عدد من القتلة، فالكتاب الأول بتاريخ 23/12/2010 من محافظ ريف دمشق زاهد حاج موسى موجه إلى المكتب الفني لختم بناء وترخيص مشفى كفربطنا لحين وورد توجيهات وزارة الصحة، وبعد عشرين يوم بتاريخ 12/1/2011 أتى القرار الثاني بفض ختم الشمع الأحمر عن المشفى وترك موضوع الخلاف بين المتبرعين والجمعية السورية لمكافحة السل إلى الجهات المعنية، وهو ما جعل العشرات من أهالي كفربطنا للاتجاه إلى المشفى ورفع الأصوات كي لا تفض الأختام ليتبعها في اليوم الثاني تقدم أهالي كفربطنا بكتاب خاص حول الأخطار والكوارث التي من الممكن أن تقع نتيجة فتح المشفى.
قصة القراران السابقان لم تبدأ من العام الماضي بل بدأت منذ عام 1995 عندما قرر بعض أهالي كفربطنا بالتبرع بقطعة أرض لبناء مشفى مخصصة للنفع العام، وتخديم المنطقة الخالية من أي مشفى في تلك الفترة، وبما أن جمعية مكافحة السل معروفة ـ في ذلك الوقت ـ باستطاعتها بجمع التبرعات وبنائها لهذه المشفى قام الأهالي بتوكيلها لبناء هذا المشفى، واستطاعت أن تبني المشفى مع حصولها على إعفاءات من نقابة المهندسين وتسهيلات جمة من وزارة الصحة ومحافظة ريف دمشق، إذ وجهت الجمعية كتابها رقم 40/ص تاريخ 9/6/1996 إلى وزراة الصحة تطلب فيه الدعم الكامل لبناء المشفى العام الذي يتسع إلى مائتين مريض وهو أحد المشاريع الخيرية الكبيرة في ريف دمشق وفقاً للكتاب وأتت موافقة وزير الصحة في ذلك الوقت مع الموافقة بكامل الدعم، كما أتت موافقة محافظ ريف دمشق بتاريخ 23/8/1995 على ما تطلبه الجمعية من إنشاء مشفى عام في بلدة كفر بطنا.. وكل ذلك بناء على تقديمها خدمة عامة وهي بناء مشفى عام حصراً لخدمة هذه المنطقة بعد ذلك من المفترض تسليمه إلى وزارة الصحة لكي يكون مرفق خدمي عام، وتم جمع التبرعات الخيرية النقدية والعينية وإعفاء الجمعية من كافة الرسوم والضرائب المالية والنقابية المترتبة على الترخيص كونه مشفى عام ـ ولدى المحرر صور عن كافة التنازلات من الأهالي للجمعية والتي تشترط أن تكون مشفى عام ـ لكن جمعية مكافحة السل ضربت بعرض الحائط وعودها لأهالي البلدة وانقلبت إلى مؤسسة تجارية وقامت بتضمين هذه المشفى إلى مستثمر خاص ببدل استثماري سنوي مقداره أربعة وعشرون مليون ومائتي ليرة سورية يعود إليها طبعاً.
علماً أنه تم توثيق عقد الاستثمار بين الجمعية والمستثمر بشكل غير أصولي ومخالف للقانون كون الجمعية لا تملك أرض هذه المشفى على الإطلاق، وأكدت وزارة الصحة أن العقود غير نظامية لأن الجمعية لا تملك الأرض من جهة والمشفى غير مرخص حتى كتابة هذه السطور، أي لا تسطيع أن ترخصه حتى يتم موافقة المالكين الأساسيين، وهي بذلك ـ الجمعية ـ حرمت أهالي بلدة كفربطنا بفقرائها ومرضاها ومالكي العقارات من أي حق من الحقوق بهذه المشفى وتم تقدم بعض العروض الطفيفة التي لا يمكن أن يقبل بها أي عاقل، كعقد مشاركة بحصص من الأرباح ورفضها الأهالي لأن الغاية الأساسية للمشفى أن يكون مشفى عام حصراً ويقدم خدماته لكافة أهالي المنطقة والمناطق المجاورة بالمجان.
علما أن قيمة الأرض فقط التي تسلمتها الجمعية في الوقت الحالي تجاوز سعرها المائتي مليون ليرة سورية، وتكلفة البناء تجاوزت المليارات الثلاث.
ولم تنتهي القصة بذلك وإنما تقدمت الجمعية ومستثمر الراغب بالمشفى بالعديد من الطلبات إلى وزرة الصحة ومديرية المشافي ومحافظة ريف دمشق ومجلس بلدة كفربطنا للحصول على التراخيص الإدارية اللازمة لتشغيل المشفى وتصديق مخططات البناء وتسوية وضع مخالفات البناء الموجودة والتي تتجاوز نسبة ثلاثون بالمائة على ترخيص البناء الممنوح بشكل غير قانوني كون هذا الترخيص لم يمنح لمالك قانوني على الإطلاق ويوجد مخالفات تخالف أحكام القانون رقم 59 لعام 2008 حيث أن القوانين النافذة في هذا القطر تحظر قبول أي معاملة أو أي إجراء قانوني إلأ من قبل صاحب العلاقة الرسمي أو المالك الرسمي أو وكيله القانوني..
والمشفى في الوقت الحالي قامت بلدة كفربطنا بختمه بسبب المخالفات المذكورة أعلاه وبطلان ترخيص البناء وتم فض الختم دون تسوية المخالفات والتعدي على الأملاك العامة والفضلات الموجودة في البناء وذلك بموجب الكتاب الصادر عن محافظ ريف دمشق، وبالمقابل حصلت جمعية الصحة الخيرية في الغوطة الشرقية ـ الجمعية المعتمدة في بلدة كفربطنا ـ على نسبة كبيرة من التنازلات من مالكي الأرض وتم رفع عشرات هذه الدعوى بهذه التنازلات إلا أن جمعية مكافحة السل حالياً تقوم مع العديد من الأشخاص بتحريض المتنازلين لجمعية الصحة الخيرية على البيع والتنازل من جديد لها، وفقاً للقاء ممثل الجمعية وعدد من الأهالي المالكين للأرض، وهو ما يخالف القانون ويشكل جرم احتيال وحصل مثل ذلك على الصعيد العملي حيث تم إقناع ورثة المرحوم أحمد البحش على تنظيم وكالة وبيع وتنازل جديد، علماً أنهم متنازلين سابقا لجمعية الصحة الخيرية وتم رفع دعوى قضائية من قبل جمعية الصحة الخيرية بهذا الخصوص أمام محكمة الصلح المدني في كفربطنا وتم وضع إشارة الدعوى بتاريخ 29/4/2010 بموجب العقد رقم ((2678)) في الدعوى أساس ((1403)) ولجأت جمعية مكافحة السل وبكل أسف إلى وضع إشارة لاحقة بموجب الدعوى رقم ((669)) لعام 2011 وهذه الدعوى باطلة ولا غية قانوناً.
وزارة الصحة أشارت إلى أن وزير الصحة السابق الدكتور رضا سعيد وجه باستملاك الأرض والترخيص للمشفى واعتبارها مشفى عام لكن ما أوقف هذا التوجيه ان وثائق ملكية الأرض لم تتاح للوزارة وهو ما قامت الوزارة بطلبه حتى يتم الاستملاك على أساس أن هناك مشفى عام تابع لوزارة الصحة، معتبرة أن التنازلات السابقة غير نظامية وموقعة على ورق غير نظامي، ولا تستطيع ان تعتبره مستند لقرار الاستملاك، منتظرة ـ الوزارة ـ أن يتم رفع كتاب خاص بهذا الموضوع لها أو لمحافظة ريف دمشق..
ونفت الوزارة أن يكون هناك ترخيص صادر للمشفى حتى يكون مشفى خاص رغم المحاولات الكثيرة التي قامت بها الجمعية أو المستثمرين، وذلك لانتفاء الصفة التي بني من أجلها المشفى واعتبار ذلك غير قانوني.
وفي الوقت الحالي تنتظر الوزارة طلب الأهالي أو المالكين للأرض أن يقدموا طلب الاستملاك كي تقوم الوزارة باتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك، مشيرة الوزارة إلى محافظة ريف دمشق ليس لها علاقة لأن الترخيص أولاً وأخيراً سيخرج من وزارة الصحة.
فما طلبه الأهالي كفربطنا أن يكون المشفى مشفى خيري عام وتطبق الأنظمة والقوانين المعمول بها وفق الموافقات والإعفاءات المالية والحكومية التي حصلت عليها الجمعية، لا أن يتم استغلال أراضيهم من أجل عدد قليل من المستثمرين...