الكاتب : سورية الغد
رغم عدم وجود تظاهرات واضحة المعالم أمس، إلا أن التطورات الأمنية هي التي غلبت على المشهد السوري، وذلك مع أخبار أحداث في مدينة جبلة التي دخلت أمس بقوة على مساحة التطورات، وفيما تعددت الروايات حول المدينة وعن عدد الضحايا فيها، فإن أخبار أخرى وردت عن سقوط ضحايا من قوات الأمن في مدينة "نوى" في حوران إضافة لعنصرين من الأمن في حمص ومدينة المعضمية في ضواحي دمشق.
ووسط هذه التطورات الأمنية فإن رئيس الحكومة تحدث أمس عن سلسلة تشريعات جديدة تطال الإصلاح السياسي، لكن الواضح أن حجم التطورات الأمنية ربما تجعل هامش الحراك السياسي ضيقا، وربما سيظهر الاختبار الحقيقي خلال الأيام الثلاث القادمة وذلك مع بدء الدوام الرسمي للدولة، حيث يٌلاحظ أن حركة الاحتجاجات تتطور في أيام العطل التي تكررت هذا الشهر.
وحسب بعض المراقبين فإن أحداث يوم الجمعة كانت حالة فاصلة في تحديد السيناريوهات، حيث بات واضحا بأن مسألة الحلول السياسية تسير باتجاه غامض، وأن هناك اتجاه لدى المتظاهرين على مسألة التصعيد الذي أصبح حلا وحيدا على الأقل بالنسبة للمتحدثين على الفضائيات الذين اتجهوا مباشرة إلى تقليل أهمية الإجراءات الحكومية ورفع سقف المطالب، وهو أمر دفع أحداث الجمعة باتجاه جديد وعلى الأخص في منطقة ريف دمشق، فبدت التظاهرات كمحاولة تصعيد سريع لدفع حركة الاحتجاج باتجاه العاصمة، وهو ما قام به المتظاهرون الذي حاولوا الدخول إلى المدينة من منطقة الزبلطاني.
السؤال المطروح مع التصعيد الحاصل: هل أغلق الباب السياسي؟ وهل يمكن الحديث عن "حل أمني" شامل؟ عمليا فإن الحدث السوري بدا خلال شهر كامل وكأنه يملك أبوابا إقليمية أو حتى دولية أكثر من كونه يتحرك باتجاه التعامل الداخلي، فالمسألة ليست تحريضا فقط من قبل قنوات إعلامية أو حتى محاولة ممارسة ضغط من خلال "الحرب الافتراضية"، بل هناك انسياق واضح نحو اختبار ردود الأفعال الدولية لما يحدث في الداخل، ورفع سقف المطالب كان سريعا وربما متجاوبا مع عملية "المراقبة" التي كانت تحدث، فهناك نوع من الإسراع للحديث عن الشأن السوري، وعدم وجود تحفظ وانفتاح إعلامي كامل على "الطيف المعارض" في الخارج الذي لم يقدم تحليلات أو حتى يقرأ نوعية الحراك الرسمي أو الشعبي، لأن الأمور كانت محسومة بالنسبة له، حتى أن مسألة سقوط الضحايا لم تشكل عبئا على معظم الذين تحدثوا بقدر ما كانت سلاحا يمكن استخدامه وتطويره عبر الدم فقط.
مسألة الحل الأمني الشامل تبقى حتى اللحظة بعيدة، ليس فقط نتيجة تطمينات حكومية أو وعود بالإصلاح، بل نتيجة حركة المجتمع بالدرجة الأولى، ورغبة دمشق في تكريس موقفها الإقليمي والدولي، وهو أمر تعرف دمشق أنه لا يمكن أن يتحقق بدون الحراك السياسي، فهي موجودة في محور أزمات وربما محاصرة بها، ومن هذه الزاوية بالذات تبدو المسألة محصورة في القدرة على إيجاد تكتيك قادر على تجاوز الأزمة والدخول في مرحلة جديدة.